العربية
Perspective

وول ستريت تبتهج بآفاق البطالة الجماعية

نُشرت هذه المقالة في الأصل باللغة الإنجليزية في 19  أكتوبر 2022

وقع حدث بالأمس لخص ديناميكية الطبقة الأساسية في العمل في مرحلة تعمق أزمة الاقتصاد الرأسمالي العالمي مع ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوياته في أربعة عقود، واستمرار ارتفاع أسعار الفائدة من قبل مصرف التحوط  الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية الأخرى، وخطر حدوث الركود العالمي يلوح في الأفق بشكل أكبر من أي وقت مضى.

بعد تقرير بلومبرج أن الركود في الولايات المتحدة أمر مؤكد تقريباً في الاثني عشر شهراً القادمة، وفقاً لتوقعات نموذجها الاقتصادي، ارتفعت الأسهم في وول ستريت لليوم الثاني على التوالي بعد تعرضها لصدمة في الفترة الأخيرة.وقال  كوهن في مقابلة مع ياهو فاينانس يوم الاثنين: 'سنرى تدمير الوظائف إذا كنا سنشهد حقاً تقليص التضخم'.

يسيل لعاب المضاربين الماليين من احتمال حدوث ركود ، مدركين تماماً أن سياسات بنك التحوط الفيدرالي لا تهدف إلى كبح التلاعب في أسعار الشركات وتحقيق أرباح وفيرة ، ولكن إلى خفض أجور العمال.

تم توضيح المحتوى الطبقي لما يسمى بـ 'مكافحة التضخم' ، وهو شعار بنك التحوط الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى ، من قبل المستشار الاقتصادي السابق لترامب ، غاري كوهن.

وقال في مقابلة مع ياهو فاينانس يوم الاثنين: 'يجب أن نرى تدمير الوظائف إذا كنا سنشهد حقاً تقليص التضخم'.

ترك كوهن القطة تخرج من الحقيبة فيما يتعلق بـ 'مكافحة التضخم' ، موضحا ً أنه لا علاقة لها بارتفاع الأسعار الذي يمزق مستويات المعيشة وأن تركيزه الأساسي ينصب فقط على سعر واحد: قوة العمل، والأجور.

وقال 'لدينا الآن عدد أقل من القوى العاملة في الولايات المتحدة، لذا يتعين على الشركات أن تدفع أكثر للعمال لجذبهم إلى القوى العاملة المتضخمة. وقال إن الأجور ترتفع وبالتالي فإن هذا تضخم.

هذا الادعاء هو تزييف كامل  كما يشير كل تقرير اقتصادي، بما في ذلك تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي، إذ إن  الأجور لم تواكب التضخم ، سواء في الولايات المتحدة أو في بقية العالم.

إن الدوامة التضخمية هي نتيجة أفعال الطبقات الحاكمة الرأسمالية. أدى رفض اتخاذ تدابير سلامة الصحة العامة للقضاء على COVID-19 من البشر من قبل الحكومات في جميع أنحاء العالم، خشية أن تؤثر سلباً على سوق الأوراق المالية ، إلى أزمة سلسلة التوريد.

تفاقمت ارتفاعات الأسعار بسبب الحرب بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ضد روسيا في أوكرانيا ، والزيادات الكبيرة في الإنفاق العسكري من قبل جميع الحكومات ، وفقاعة المضاربة التي نتجت عن تدفق الأموال الرخيصة للغاية إلى النظام المالي على مدى العقد ونصف الماضيين.

علاوة على ذلك ، ثمة تلاعب كبير في الأرباح من قبل عمالقة الغذاء والطاقة والمضاربة من قبل صناديق التحوط وغيرها في الأغذية والمعادن والطاقة والسلع الأساسية الأخرى كما أوضح مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) في تقرير صدر في وقت سابق من هذا الشهر.

لكن البنوك المركزية وممثلي رأس المال المالي لم يدعوا أبداً الحقيقة تقف في طريق أجندة الحرب الطبقية الموجهة ضد الطبقة العاملة.

تؤكد ملاحظات كوهن حول تدمير الوظائف التعليقات التي أدلى بها قبل بضعة أشهر وزير الخزانة الأمريكي الديمقراطي السابق لورانس سمرز ، الذي دعا إلى معدل بطالة من 5 إلى 6 في المئة لعدة سنوات أو معدل بطالة بنسبة 10 في المئة لمدة عام على الأقل.

إن الأرستقراطية المالية أشهرت سلاحين لمتابعة أجندتها؛ فعلى الصعيد الاقتصادي،  نجدها تسير على خطى الرئيس السابق لمجلس التحوط الفيدرالي بول فولكر ، الذي رفع أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية في العقد التاسع من القرن الماضي للحث على أعمق ركود منذ العقد الرابع  من القرن الماضي لتقويض المطالب  المتعلقة بالأجور وإعادة هيكلة العلاقات الطبقية.

في الوقت نفسه ، تعتمد على الجهاز النقابي لمواصلة وتعميق الدور الذي لعبه أثناء هجوم فولكر ومنذ ذلك الحين أي  قمع ، بأي وسيلة ضرورية ، النضال المستقل للطبقة العاملة ضد الاقتطاعات المتصاعدة  على حساب مستويات معيشتها وظروف العمل التي لا تطاق بشكل متزايد والتي فُرضت على مدى عقود واشتدت في سياق الجائحة.

بسبب دوره المركزي في النظام المالي العالمي ، فإن رفع أسعار الفائدة الفيدرالي يمزق الاقتصاد العالمي حيث حذر صندوق النقد الدولي من أن ثلث الدول على الأقل ستعاني من انكماش اقتصادي خلال العام المقبل. كما قال البنك الدولي والأونكتاد إن الرفع المتزامن لأسعار الفائدة يؤدي إلى ركود عالمي.

تتضمن هذه العملية حلقة معيبة إذ إن رفع أسعار الفائدة الأمريكية يرفع من قيمة الدولار مقابل العملات الأخرى. إن انخفاض قيمة العملة يعني أن تكلفة وارداتها ، التي غالباً ما يتم تسعيرها بالدولار الأمريكي ، ترتفع ، مما يؤدي إلى زيادة التضخم. ثم ترفع البنوك المركزية حول العالم أسعار فوائدها ، مما يؤدي إلى مزيد من الانكماش الاقتصادي.

وكما أشار إدوارد لوس ، كاتب العمود في الفاينانشيال تايمز مؤخراً ، فإن الاحتياطي الفيدرالي هو 'محرك الانكماش العالمي' و 'الألم النقدي هو أسرع الصادرات الأمريكية نمواً'.

لكن الأجور ليست بأي حال من الأحوال الهدف الوحيد كما أظهرت الأزمة المالية المستمرة في المملكة المتحدة. إن الصرح الهائل للديون ورأس المال الوهمي ، الذي بُني على مدى العقد ونصف العقد الماضيين ، لا يمكن أن يستمر إلا إذا كان هناك تدفق مستمر لفائض القيمة المستخرج من الطبقة العاملة إلى خزائن رأس المال المالي.

يجب توسيع مجمع فائض القيمة الذي يتغذى عليه من خلال قمع الأجور من ناحية وخفض الخدمات الاجتماعية الحيوية من ناحية أخرى. هذا هو معنى العاصفة المالية في بريطانيا الشهر الماضي.

لم ينطلق اعتراض رأس المال المالي على الميزانية المصغرة لحكومة تروس من أن المزيد من الأموال ستُنفق على الشركات والأثرياء من خلال تخفيضات ضريبية بقيمة 45 مليار جنيه إسترليني ولكن لم يتم تمويل هذه الإجراءات. أي أنه كان لا بد من تمويلها من خلال المزيد من التخفيضات على الخدمات الاجتماعية المتداعية بالفعل مثل الصحة والتعليم.

يتم تنفيذ هذا البرنامج الآن في الوقت الذي تستعد فيه حكومة حزب المحافظين التي تم إعادة تنظيمها لتخفيضات كبيرة سيتم الإعلان عنها في نهاية هذا الشهر 'لاستعادة الثقة'.

ويجب اتباع أجندة الحرب الطبقية هذه في جميع أنحاء العالم كما أوضح تقرير المراقب المالي لصندوق النقد الدولي ، الذي صدر الأسبوع الماضي. وقال إنه في سياق التضخم المرتفع ، فإن اتساق الديون وأسعار الفائدة المتزايدة بين السياسة النقدية والمالية 'أمر بالغ الأهمية' ، مما يعني أنه يتعين على الحكومات إبقاء ميزانياتها على 'مسار ضيق'.

لكن هذا 'التشديد' لن يطبق على الإنفاق العسكري حيث تخصص الحكومات في جميع أنحاء العالم موارد متزايدة لميزانيات الحرب.

وفيما يتعلق بالتضخم ، فإن السياسة هي  من منطلق 'دعها تنفجر' مع إعلان صندوق النقد الدولي أن 'محاولات الحد من زيادات الأسعار من خلال التحكم في الأسعار أو الإعانات أو التخفيضات الضريبية ستكون مكلفة على الميزانية وغير فعالة في نهاية المطاف'.

ماذا يجب أن يكون الرد على إطلاق العنان للحرب الطبقية في الداخل والمخاطر المتزايدة للحرب العالمية ، مع العواقب النووية المحتملة؟ هذا هو السؤال الأساسي الذي يواجه الطبقة العاملة في الولايات المتحدة ، مركز النظام الرأسمالي العالمي ، وفي كل بلد.

قدم موقع الاشتراكية العالمية واللجنة الدولية برنامجاً واضحاً تمثل بتطوير لجان الصفوف في كل صناعة ومكان عمل لكسر القبضة الخانقة للبيروقراطية النقابية وتعزيز النضال المستقل للطبقة العاملة لتلبية احتياجاتها. ويتمثل  أعلى تعبير عن هذه المعركة في الولايات المتحدة في حملة ويل ليمان لمنصب رئيس اتحاد عمال السيارات.

يثير هذا المنظور ضرورة وجود برنامج سياسي ، بناءً على فهم أنه بغض النظر عن الشكل المباشر لعدد لا يحصى من أعمال النهب التي تلحق بالطبقة العاملة ، فإنها متجذرة في أزمة مجمل النظام المتفاقمة وإن النضال من أجل الاشتراكية هو محور النضال من أجل قلب دكتاتورية نظام الربح.

Loading