العربية

"النظام العالمي الجديد" لأمريكا - الجذور التاريخية والاجتماعية لخطط الولايات المتحدة للحرب مع روسيا والصين

نُشرت هذه المقالة في الأصل باللغة الإنجليزية في 21 سبتمبر 2022

فيما يلي تقرير قدمه أندريه دامون إلى المؤتمر السابع لحزب المساواة الاشتراكية (الولايات المتحدة) لدعم القرار المعنون 'حشد الطبقة العاملة ضد الحرب الإمبريالية!'

دامون هو عضو في اللجنة الوطنية لحزب المساواة الاشتراكية SEP. اقرأ التقرير الكامل عن المؤتمر والقرارات المعتمدة فيه.

هناك توافق مميز بين مؤتمرات حزب المساواة الاشتراكية ونقاط تحولية في تاريخ العالم. عقد المؤتمر التأسيسي لحزب المساواة الاشتراكي ، في أغسطس 2008 ، قبل شهرين فقط من انهيار بنك ليمان براذرز خلال الانهيار المالي لعام 2008.

الآن ، بينما يعقد الحزب مؤتمره الوطني السابع ، وسط انتقالنا إلى مناقشة الحرب الأمريكية ضد روسيا في أوكرانيا واستعداداتها للحرب مع الصين ، تطرقت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي في هذه اللحظة بالذات إلى تايوان ، في استفزاز متعمد يهدف إلى التعجيل بنزاع عسكري بين الولايات المتحدة والصين.

لفهم أهمية هذا الحدث ، من الضروري مراجعة السياق التاريخي الذي يحدث فيه الاندفاع الحالي للعسكرة الأمريكية. وهذا يستلزم إجراء تقييم لتحليل اللجنة الدولية لتاريخ العالم على مدى نصف القرن الماضي.

يجب على وجه التحديد في الأوقات التي يبدو فيها إيقاع الأحداث غامراً ، أن نعتمد أكثر على منظور تاريخي كما هو حال إزدياد أهمية الملاحة خصوصاً أثناء العاصفة.

صادف شهر أغسطس مرور ستة أشهر منذ بداية الحرب بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وروسيا بشأن أوكرانيا ، وهي أكبر حرب برية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

لم يكن اندلاع هذه الحرب مفاجأة للجنة الدولية للأممية الرابعة. لقد حذرت اللجنة الدولية منذ أوائل العقد التاسع  من أن الولايات المتحدة كانت تستعد لحرب عالمية لاستعادة الأراضي التي خسرها الاستغلال الإمبريالي نتيجة الثورات الروسية والصينية والانتفاضات المناهضة للاستعمار في القرن العشرين.

عندما يراجع المرء كتابات اللجنة الدولية حول الأحداث الجيوسياسية ، يندهش من السرعة التي تمكنت بها اللجنة الدولية من إنتاج تحليلات دقيقة ومفصلة للأحداث المعاصرة صمدت أمام اختبار الزمن.

هذا لأنه ، مع كل تطور جديد ، لم تكن اللجنة الدولية تلجأ الى 'الإرتجال'. كنا قادرين على تحليل الأحداث المعاصرة بسرعة وبدقة لأننا نعمل على أساس تحليل تاريخي للقرن العشرين والقرن الحادي والعشرين. لدينا نظرية التاريخ المعاصر والجغرافيا السياسية المعاصرة.

يُستمد التحليل اليومي لموقع الاشتراكية العالمية من هذا التحليل التاريخي ، الذي يتجذر في نظريات إمبريالية كبار الماركسيين في القرن العشرين: لينين وروزا لوكسمبورغ وليون تروتسكي والعديد من رفاقهم ومفكريهم.

نسعى في العمل اليومي لـ WSWS ، إلى توسيع وتعميق هذا التقليد النظري ، لعرض التطورات المعاصرة من خلال عدسة منظور تاريخي وفي نفس الوقت لتطوير وتوسيع هذا المنظور باستمرار في ضوء الأحداث الجديدة.

سيسعى هذا التقرير إلى تقديم تحليل اللجنة الدولية بشكل موجز لانفجار النزعة العسكرية الأمريكية ، على النحو المبين في التقارير والمحاضرات والخطب والقرارات على مدى نصف القرن الماضي وتأطير حرب الولايات المتحدة الحالية مع روسيا والصراع مع الصين ضمن هذا التحليل.  تتوفر العديد من الوثائق التي يشير إليها هذا التقرير في كتاب 'ربع قرن من الحرب'.

عُرض قرار 'حشد الطبقة العاملة ضد الحرب الإمبريالية!' على هذا المؤتمر لاعتماده ، وهو وصف الصراع 

الأمريكي المتصاعد مع روسيا والصين على النحو التالي:

بتهور شديد ، تجازف الإمبريالية الأمريكية بحرب نووية يمكن أن تؤدي إلى انقراض الحياة البشرية على هذا الكوكب. يُعد تدمير روسيا والسيطرة على الأراضي الأوراسية ، وهو هدف جيو-إستراتيجي طويل الأمد للإمبريالية الأمريكية ، من قبل البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية على أنه إعداد أساسي وجزء من هجوم ضد الصين. يتم الآن ما أشار إليه لينين أثناء الحرب العالمية الأولى بأنها 'إعادة تقسيم للعالم'. تنوي الإمبريالية الأمريكية إعادة رسم خريطة الكرة الأرضية ...

القوى الدافعة الحقيقية وراء الحرب هي:

1) المصالح الجيوسياسية للإمبريالية الأمريكية ودفعها للهيمنة العالمية. 
2)  الجهود التي تبذلها الإمبريالية الأمريكية والأوروبية للوصول المباشر إلى
3) المواد الخام الروسية ذات القيمة الهائلة والحاسمة من الناحية الاستراتيجية ؛

في سياق هذا التقرير ، سنراجع السوابق التاريخية لهذا التحليل ، على النحو الذي أوضحته اللجنة الدولية  على مدى نصف القرن الماضي.

تحليل اللجنة الدولية لبروز الإمبريالية الأمريكية.

في عام 1990 ، نشرت رابطة العمال، سلف حزب المساواة الاشتراكية، رداً على اندلاع حرب الخليج قراراً وصف الخصائص الأساسية لفترة ثورية:

تتحرك الأحداث العالمية مرة أخرى بسرعة مذهلة ، والإيقاع المتسارع بشكل كبير هو في حد ذاته علامة على فترة ثورية. إن الفترة الزمنية الممتدة التي تراكمت فيها التغيرات الجزيئية في القاعدة الاقتصادية للمجتمع ، وبدا أن السياسة تتحرك بخطى جليدية ، قد أفسحت المجال لعصر يتميز بالتغيرات والاضطرابات المحمومة ، حيث اخترقت التحولات الجوفية العميقة سطح الحياة السياسية. لقد انفجرت العداوات الطبقية الأساسية ، المحتواة لعقود تحت مختلف الهياكل السياسية والدول إلى العلن وبدأت جميع القوى الاجتماعية المتصارعة التي دخلت في المعركة تقدم بشكل علني البرامج التي تتوافق مع مصالحها الاقتصادية. هذا الصدام المفتوح بين القوى الطبقية المعادية هو السمة الأساسية لفترة ثورية. [2]

في كثير من الحالات ، تكشف الأعمال العظيمة للماركسية عن الخصائص الأساسية للعصر التاريخي التي تتعزز مصداقيتها مع مرور الوقت. هذا هو الحال بالتأكيد مع هذا القرار.

من أجل فهم هذا الصدام المفتوح بين القوى الطبقية الذي انفجر الآن على السطح ، من الضروري فحص التغيرات 'الجزيئية' ذاتها ، التي حدثت على مدى عقود.

ففي 4 تشرين الأول (أكتوبر) 2002 ، قبل أيام فقط من الغزو الأمريكي لأفغانستان ، قدم الرفيق ديفيد نورث تقريراً بعنوان 'الحرب ضد العراق ودافع أمريكا للسيطرة على العالم'. لخص هذا التقرير كامل قوس الإمبريالية الأمريكية في القرن العشرين:

على مدى ما يقرب من ثلاثة أرباع القرن ، ارتبط مصير الإمبريالية الأمريكية والاتحاد السوفييتي ارتباطاً وثيقاً. تلا ثورة أكتوبر التي حملت الحزب البلشفي إلى السلطة ، بعد بضعة أشهر فقط دخول الولايات المتحدة في أبريل 1917 الحرب العالمية الأولى. وهكذا ، منذ الأيام الأولى لظهورها كقوة إمبريالية رئيسية ، واجهت الولايات المتحدة الواقع الذي مثلته دولة العامل التي أعلنت قدوم حقبة تاريخية جديدة للثورة الاشتراكية العالمية. وعلى الرغم من خيانة البيروقراطية الستالينية لاحقاً للمُثُل الأممية الثورية التي أعلن عنها في البداية لينين وتروتسكي ، استمرت التداعيات السياسية الناتجة عن الإطاحة بالرأسمالية في روسيا في التردد لعقود،  وعززت نمو الوعي الاجتماعي والنضال السياسي للطبقة العاملة في البلدان الرأسمالية المتقدمة ، بما في ذلك الولايات المتحدة ، وفي موجة النضالات المناهضة للإمبريالية والاستعمار التي اجتاحت العالم ، وخاصة في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

على الرغم من إنها خرجت من الحرب العالمية الثانية زعيمة للرأسمالية العالمية ، إلا أن الولايات المتحدة لم تكن في وضع سمح لها بتنظيم العالم بالشكل الذي رأته مناسباً. إن التوقع الأولي بأن امتلاك القنبلة الذرية سيمكن الولايات المتحدة من تخويف ، وإذا لزم الأمر ، تدمير الاتحاد السوفيتي ، قد تحطم بسبب الإنتاج السوفيتي لقنبلة نووية في عام 1949. وكان انتصار الثورة الصينية في نفس العام ضربة مدمرة لتوقع أمريكا أنها ستمارس نفوذاً بلا منازع على آسيا.

خلال الس نوات الأولى من الحرب الباردة ، اندلعت معركة مريرة داخل الدوائر الحاكمة في حكومة الولايات المتحدة حول كيفية التعامل مع الاتحاد السوفيتي. ... دعا فصيل كبير من النخبة الحاكمة إلى استراتيجية 'تعديل الوضع'، أي تدمير الاتحاد السوفيتي والنظام الماوي في الصين ، حتى لو انطوى ذلك على استخدام الأسلحة النووية. فصيل آخر ، مرتبط بمنظر وزارة الخارجية جورج ف. كينان ، دعا إلى 'الاحتواء'.

... خلال العقود المتبقية من الحرب الباردة ، لم يكن المعنى الحقيقي لـ 'الردع' هو ما منع الولايات المتحدة من مهاجمة الاتحاد السوفيتي ، ولكن ما منعه احتمال الانتقام السوفييتي من القيام به. [3]

في آذار (مارس) 2003 ، بعد يومين من بدء الهجوم الأمريكي على العراق ، نشر الرفيق نورث مقالاً بعنوان 'أزمة الرأسمالية الأمريكية والحرب على العراق' ، واصل هذا التحليل وطوره:

[السنوات 1945-2003] يمكن تقسيمها إلى عصرين. خلال السنوات الثلاثين الأولى ، بين عامي 1945 و 1975 ، كان الاتجاه السائد في السياسة الداخلية الأمريكية هو الإصلاح الاجتماعي الليبرالي. أما في سياستها الخارجية ، فدافعت البرجوازية الأمريكية عن نسخة من الأممية الليبرالية ، متجذرة في العديد من المؤسسات متعددة الأطراف ...

ولكن في ظل ظروف التوسع الهائل في اقتصاد ما بعد الحرب العالمية الثانية ، اعتبرت الرأسمالية الأمريكية أن الليبرالية الاجتماعية في الداخل ، والنزعة الدولية الليبرالية (والمعادية للشيوعية) هي السياسة الأكثر استحساناً.

كانت نهاية هذه الحقبة الليبرالية بمثابة إنذار بإضعاف النظام الاقتصادي العالمي الذي تأسس عام 1944 (نظام بريتون وودز). وأدى انهياره في عام 1971 مع نهاية قابلية تحويل الدولار إلى الذهب إلى فترة من عدم الاستقرار الاقتصادي الدولي المتصاعد، الذي تجلى بشكل خاص في تضخم الأسعار غير المسبوق،  والانحدار المطول داخل الولايات المتحدة لربحية الشركات.

أدى التدهور في المناخ الاقتصادي العالمي العام إلى تغيير جذري في السياسة الداخلية والخارجية للطبقة الحاكمة الأمريكية إذ تم داخل الولايات المتحدة ، قلب السياسات الاجتماعية التي كانت موجهة نحو إعادة توزيع محدودة للثروة وتخفيض مستويات عدم المساواة الاجتماعية إلى حد ما. تبع انتخاب ريغان للرئاسة في عام 1980 تخفيضات كبيرة في معدلات الضرائب لأغنى الأمريكيين، وتقنين هائل في الإنفاق الاجتماعي المخصص للتخفيف من محنة أفقر الأمريكيين ، واعتداء عام على النقابات العمالية.

كان المكون الدولي لهذه السياسة هو نبذ 'الانفراج' مع الاتحاد السوفيتي والتكثيف العام للضغط العسكري ضد الحركات القومية في 'العالم الثالث' التي اعتبرت مضرة بمصالح أمريكا العالمية. [4]

[/indent]

تشكل هذه التطورات في سياق الرسالة التي بعث بها الرفيق نورث إلى مايكل باندا ، الأمين العام السابق لحزب العمال الثوري البريطاني ، في عام 1981 ، بشأن تطوير وثيقة المنظورات العالمية للجنة الدولية.

اكتسبت هذه الرسالة أهمية متجددة بعد انشقاق اللجنة الدولية للأممية الرابعة عام 1985 عن حزب العمال الثوري وتطور قرار وجهات النظر لعام 1988.

إن رسالة الرفيق نورث ملفتة للنظر في الوضوح الذي أشارت به إلى العمليات الأساسية التي ستعمل خلال العقود القادمة والتي تنفجر الآن إلى السطح. بدأت بملاحظة:

تدفع الأزمة الاقتصادية غير القابلة للحل للرأسمالية العالمية الطبقة الحاكمة في أمريكا الشمالية وأوروبا واليابان بشكل لا يقاوم نحو إطلاق حرب نووية عالمية ثالثة. إن جوهر مثل هذه الحرب سيكون محاولة من جانب الإمبريالية العالمية ، بقيادة الولايات المتحدة ، استعادة الوضع العالمي الذي فقدته خلال ثورة أكتوبر عام 1917 والنضالات العملاقة للتحرر الوطني في جميع أنحاء آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا و الحفاظ ، بأي ثمن ، على استعباد أمريكا اللاتينية. ستكون هذه حرباً عالمية بالمعنى الحقيقي للكلمة: صراع من قبل الدول المضطهدة ضد الاتحاد السوفيتي والدول المضطهدة ... [5]

وتابع:

إن المفهوم القائل بأن وجود الأسلحة النووية جعل الحرب غير واردة أو مستحيلة هو وهم مسالمين. الحرب الإمبريالية هي نتاج الاقتصاد الإمبريالي. لقد وصلت كل قوة إمبريالية إلى طريق مسدود اقتصادي وسياسي كامل.

إن رأس الحربة في الاستعدادات للحرب الإمبريالية ، ومركز كل التناقضات الاقتصادية والسياسية العالمية ، هي الولايات المتحدة. ...

لا ترى الإمبريالية مخرجاً من الأزمة إلا من خلال إعادة تقسيم العالم بالعنف. لكن إعادة التقسيم تتخذ شكلاً مختلفاً عن شكل الحروب العالمية السابقة. إنها ليست مسألة دول إمبريالية تحاول الاستيلاء على مستعمرات بعضها البعض. لكن محاولة لاستعادة المواقع المفقودة من خلال تدمير الحركات الثورية الوطنية ، وإعادة العبودية الاستعمارية بشكل أو بآخر ، وتدمير الدول العمالية، وقبل كل شيء ، الاتحاد السوفيتي. [6]

أدت جهود الولايات المتحدة لزعزعة استقرار الاتحاد السوفيتي إلى التعزيز العسكري الهائل في العقد التاسع من القرن الماضي ، بما في ذلك برنامج حرب النجوم وإثارة التمرد الإسلامي المدعوم من الولايات المتحدة في أفغانستان.

ولكن مع تفكك الاتحاد السوفياتي ، شنت الإمبريالية الأمريكية سلسلة من الحروب العالمية ، بدءاً من حرب الخليج في 1990-1991 ، بهدف تأمين الهيمنة الأمريكية من خلال القوة العسكرية. أكد دليل التخطيط الدفاعي ، الذي صاغته وزارة الدفاع في فبراير 1992 ، على استعداد الولايات المتحدة لاستخدام القوة العسكرية لتأمين الهيمنة الاقتصادية العالمية:

هناك دول أو تحالفات محتملة أخرى يمكنها ، في المستقبل القريب ، تطوير أهداف استراتيجية وموقف دفاعي للهيمنة على المستوى الإقليمي أو الهيمنة العالمية. يجب أن تركز استراتيجيتنا الآن على منع ظهور أي منافس عالمي محتمل في المستقبل [7].

حذرت الجلسة الكاملة الحادية عشرة للجنة الدولية ، المنعقدة في 5 مارس 1991 ،بالعبارات التالية:

على الرغم من كل مشاكل الرأسمالية الأمريكية، مثل تدهور قاعدتها الصناعية ، وفقدان أسواقها الخارجية ، والعجز التجاري الهائل وعجز الميزانية ، وانهيار نظامها المصرفي ، والنمو الضخم للأمراض الاجتماعية،  تعتقد البرجوازية أنها وجدت إجابة متمثلة  بالقوة!

ففي يناير من عام 1991 ، أعلن الرئيس جورج بوش إطلاق 'نظام عالمي جديد' مع بدء حرب الخليج. أعلن بوش الحرب ، 'قبل خمسة أشهر ، شن صدام حسين هذه الحرب الهمجية ضد الكويت. الليلة ، دخلنا المعركة. أمامنا فرصة لتشكيل نظام عالمي جديد لأنفسنا وللأجيال القادمة. '[8]

وفي تقرير إلى المؤتمر الوطني الخاص لرابطة العمال المنعقد لمناقشة حرب الخليج ، خلص الرفيق نورث إلى:

تمثل [حرب الخليج] بداية إعادة تقسيم إمبريالي جديد للعالم. نهاية حقبة ما بعد الحرب تعني نهاية حقبة ما بعد الاستعمار أيضاً. كما تعلن البرجوازية الإمبريالية عن 'فشل الاشتراكية' ، فإنها تعلن أيضا ، بالأفعال إن لم يكن بالأقوال ، عن 'فشل الاستقلال'. تجبر الأزمة المتفاقمة التي تواجه جميع القوى الإمبريالية الكبرى على تأمين السيطرة على الموارد والأسواق الاستراتيجية. يجب إعادة إخضاع المستعمرات السابقة التي حققت درجة من الاستقلال السياسي. ففي هجومها الهمجي على العراق ، تشير الإمبريالية إلى أنها تنوي استعادة نوع الهيمنة غير المقيدة على البلدان المتخلفة التي كانت قائمة قبل الحرب العالمية الثانية.[9]

إن اندفاع الإمبريالية الأمريكية في أعقاب تفكك الاتحاد السوفيتي كان له أهداف اقتصادية أساسية ، على الصعيدين الدولي وداخل الولايات المتحدة. سعت الولايات المتحدة من خلال الحرب إلى تأمين مصادر رخيصة للمواد الخام ، مصحوبة بإمداد من العمالة منخفضة الأجر على الصعيد الدولي التي من شأنها أن تؤدي إلى خفض الأجور محلياً ، وخلق بيئة اقتصادية منخفضة التضخم تساعد فيها ارتفاع قيم الأسهم وأرباح الشركات.

في محاضرة 2002 ، 'الحرب ضد العراق ودافع أمريكا للهيمنة على العالم' ، وصف الرفيق نورث الأهداف الاقتصادية للهجوم العسكري الأمريكي العالمي:

أدت السياسات العدوانية للإمبريالية الأمريكية إلى النتائج المرجوة: داخل الولايات المتحدة ، إما ركود أو تدهور مستوى معيشة الطبقة العاملة ؛ أما داخل ما يسمى بـ 'العالم الثالث' فحدث تدهور مروع في أوضاع مئات الملايين من الناس. بالنسبة للطبقة الحاكمة وأغنى قطاعات الطبقة الوسطى العليا ، أنتجت هذه السياسات فوائد لم يكن بإمكانهم إلا أن يحلموا بها. أدت مستويات الأجور المنخفضة داخل الولايات المتحدة ، والعرض الذي لا ينضب للعمالة منخفضة التكلفة في الخارج ، وتوافر أسعار السلع الرخيصة ، إلى خلق بيئة مثالية لازدهار سوق الأسهم الهائل في العقد الأخير من القرن العشرين (والذي يجب أن نذكر أنه بدأ بعد حرب الخليج الأولى عام 1991).

أصبح الاستقرار الاقتصادي للرأسمالية الأمريكية ، ومعه الثروات الهائلة التي تراكمت من قبل النخبة الحاكمة في سياق طفرة المضاربة في وول ستريت ، معتمدين ، أو ، كما يمكن للمرء ، مدمنين ، على مستويات الأجور المنخفضة في الولايات المتحدة و استمرار الإمداد من الخارج بالمواد الخام الرخيصة (خاصة النفط) والعمالة منخفضة التكلفة. [10]

طور الرفيق نورث هذه المواضيع في تحليله للحرب بين الولايات المتحدة والناتو في يوغوسلافيا:

لقد تم تغذية طفرة سوق الأسهم واستدامتها ، قبل كل شيء ، من خلال البيئة الانكماشية (أو المضادة للتضخم) التي اعتمدت على الانخفاض المطول في أسعار السلع الأولية للمواد الخام. لم يكن التراجع نتيجة عمليات اقتصادية موضوعية فحسب ، بل نتاج سياسات قاسية اتبعتها القوى الإمبريالية الكبرى لتقويض قدرة منتجي 'العالم الثالث' على رفع أسعار السلع. إن التدمير الناجح لقوة تسعير كارتل النفط التابع لمنظمة أوبك، التي لعبت فيها حرب الخليج في الفترة ما بين 1990-1991 دورًا رئيسياً، هو المثال الأكثر أهمية للعلاقة بين تراكم الثروة في الدول الإمبريالية والاستغلال المكثف للبدان الأقل نمواً. وقد استفادت هؤلاء في البلدان المتقدمة التي ترتكز ثروتها على ارتفاع قيم الأسهم من هذه العملية بشكل مباشر. [11]

وتابع التقرير:

تأثر الهيكل الاجتماعي والعلاقات الطبقية في جميع البلدان الرأسمالية الرئيسية بعمق بطفرة سوق الأوراق المالية التي بدأت في أوائل العقد التاسع من القرن الماضي. لقد أتاحت قيم الأسهم المتزايدة باستمرار ، لا سيما الانفجار في تقييمات السوق منذ عام 1995 ، لقطاع كبير من الطبقة الوسطى، خاصة بين النخبة المهنية  الوصول إلى درجة من الثروة لم تكن لتتخيلها في بداية الحياة المهنية لأفراد ذلك القطاع. ...

يعكس المناخ الفكري الرجعي والامتثال والساخر السائد في الولايات المتحدة وأوروبا، الذي تروج له وسائل الإعلام ويتكيف معه مجتمع أكاديمي مذل وفاسد إلى حد كبير، النظرة الاجتماعية لطبقة ذات امتيازات عالية من السكان لا تبدي اهتماماً بتشجيع إجراء فحص نقدي للأسس الاقتصادية والسياسية لثرواتها المكتسبة حديثاً.[12]

ولكن في حين أن اندلاع العسكرة الأمريكية أثبت أنه ثروة للأوليغارشية المالية في أمريكا والقطاعات الغنية من الطبقة المتوسطة العليا ، فإن هذه الحروب كانت كارثة ليس فقط للبلدان التي تعرضت للغزو الأمريكي ، ولكن لقطاعات واسعة من السكان الأمريكيين. 

لقد قتلوا الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم ، ودمروا مجتمعات بأكملها ، وارتكبوا أفظع جرائم الحرب منذ الحرب العالمية الثانية. أدت هذه الحروب إلى إضفاء الطابع المؤسساتي على التعذيب والاختطاف والتجسس الحكومي غير القانوني دون إذن قضائي.

وصفت '60 دقيقة' في تقريرها الذي فضح التعذيب الأمريكي للمعتقلين في سجن أبو غريب بالعراق ، الأدلة على جرائم الحرب الأمريكية:

وأظهرت بعض الصور أمريكيين ورجالاً ونساءً يرتدون زياً عسكرياً مع سجناء عراقيين عراة. هناك لقطات لسجناء مكدسين في هرم ، كُتب  على جلد أحدهم  افتراء باللغة الإنجليزية. في بعض الحالات ، يكون السجناء الذكور في وضع يمكنهم من محاكاة الجنس مع بعضهم البعض ... في معظم الصور ، يضحك الأمريكيون ، أو يقفون ، أو يشيرون ، أو يشيرون إبهامهم للكاميرا. [13]

هذا الفيديو هو مجرد جزء واحد من الأدلة الوثائقية التي تُظهر إجرام وهمجية الحروب التي شنتها الولايات المتحدة باسم ما يدعى بـ 'الحرب على الإرهاب' واندفاع الإمبريالية الأمريكية على مدار الأربعين عاماً الماضية.

ولكن مهما كانت الفظاظة والهمجية المروعة لهذه الحروب ، فإنها لم ولن يكون لها تأثيرها المقصود في عكس مسار التدهور الاقتصادي الذي طال أمده للولايات المتحدة. كتب الرفيق نورث في مقال بعنوان 'أزمة الرأسمالية الأمريكية والحرب ضد العراق':

مهما كانت نتيجة المراحل الأولى من الصراع الذي بدأ ، فإن الإمبريالية الأمريكية على موعد مع كارثة. لا يمكنها التغلب على العالم. لا يمكنها إعادة فرض الأغلال الاستعمارية على جماهير الشرق الأوسط. ... لن تجد ، من خلال الحرب ، حلاً قابلاً للتطبيق لأمراضها الداخلية. بدلاً من ذلك ، فإن الصعوبات غير المتوقعة والمقاومة المتزايدة التي تولدها الحرب ستكثف كل التناقضات الداخلية للمجتمع الأمريكي.[14]

بعد عقد ونصف من بدء 'الحرب على الإرهاب' ، طورت اللجنة الدولية هذه النقطة في بيان عام 2014 ، 'الاشتراكية والحرب ضد الحرب':

13. ومع ذلك ، فشلت خمسة وعشرون عاماً من الحرب التي لا نهاية لها في مواجهة تدهور الرأسمالية الأمريكية و في إنشاء أساس مستقر جديد للعلاقات العالمية. وبدلاً من ذلك ، تحولت الولايات المتحدة، التي تمزقها أزمات داخلية مستعصية وهي مسلحة حتى الأسنان، إلى أكبر مصدر لعدم الاستقرار الدولي. لم ينجح الدافع لإنشاء 'نظام عالمي جديد' إلا في إثارة الفوضى العالمية. أدت كل حرب شنتها الولايات المتحدة إلى مضاعفات غير متوقعة وكارثية. [15]

من خلال خيانات البيروقراطية الستالينية ، نجحت الإمبريالية الأمريكية في هدفها المتمثل في إعادة تأسيس الرأسمالية في الاتحاد السوفيتي. لكن عودة الرأسمالية لم تنهِ الشهية النهمة للإمبريالية الأمريكية والعالمية لاستغلال أجزاء من الكرة الأرضية التي جعلتها الثورات الروسية والصينية بعيدة عن إمكانية الوصول إليها ، وكذلك الثورات المناهضة للاستعمار في القرن العشرين.

في أعقاب غزو العراق وأفغانستان والحرب على ليبيا وسوريا ، أعدت الولايات المتحدة تصعيداً عسكرياً كبيراً ضد روسيا والصين ، ظهر على السطح بعد الانقلاب المدعوم من الولايات المتحدة في أوكرانيا عام 2014 من خلال المواجهة العسكرية في القرم ودونباس.

ففي ذلك العام ، سعت اللجنة الدولية للأممية الرابعة لتحذير الطبقة العاملة الدولية من خطر الحرب العالمية بنشر قرار حمل عنوان، 'الاشتراكية والحرب ضد الحرب الإمبريالية'.

نص هذا القرار على أنه 'بعد مئة عام من اندلاع الحرب العالمية الأولى و 75 عاماً على اندلاع الحرب العالمية الثانية ، يهدد النظام الإمبريالي مرة أخرى البشرية بكارثة'. [16]

كتب أليكس شتاينر ، العضو السابق في رابطة العمال والمدافع عن سياسة اليسار الزائف منتقداً هذا القرار والقرار اللاحق من قبل حزب المساواة الاشتراكية الذي حمل عنوان 'النضال ضد الحرب والمهام السياسية لحزب المساواة الاشتراكية' ، وقال أن تحذيرات اللجنة الدولية للأممية الرابعة وحزب المساواة الاشتراكية غير مناسبين ، زاعماً أن عمليات الإمبريالية في القرن الحادي والعشرين كانت مختلفة اختلافاً جوهرياً عما كانت عليه في القرن العشرين.

يرى حزب المساواة الاشتراكي أن الإمبريالية في عام 2014 هي عودة إلى عام 1914 وهو مقتنع بأن التاريخ يعيد نفسه كاملاً بصيف متوتر من الأحداث الدولية التي تعيد التوتر الذي سائد افي صيف عام 1914. لكن في حين تستمر الإمبريالية في اجتياح الكوكب لكنها تختلف كثيراً اليوم عن حالها قبل 100 عام لسبب واحد ، هو استخدام القوة العسكرية لدعم المصالح الاقتصادية ، وهو أمر ما زال قائماً بالتأكيد لكن يتم الشروع فيه بتردد أكبر اليوم. [17]

ادعى شتاينر أن أطروحة اللجنة الدولية للأممية الرابعة حول 'القرن العشرين غير المكتمل' كانت خاطئة في الأساس.

كل ما حدث منذ ذلك الحين ، وخاصة اندلاع الحرب بين الولايات المتحدة وروسيا في أوكرانيا ، أظهر البطلان الأساسي لهذا التحليل. فالإمبريالية ، بعيدة من أن تصبح أكثر تقييداً في القرن الحادي والعشرين ، فهي احتفظت بكل التهور الإجرامي الذي ميز الحربين العالميتين الأولى والثانية. إن تصريح شتاينر بأن الإمبريالية قد أفسدت نفسها يعيد إلى الأذهان ملاحظة روزا لوكسمبورغ بأن

السياسة العالمية والعسكرة ... ليسا سوى أسلوب محدد للرأسمالية لتطوير وحل التناقضات الدولية. ... فقط أولئك الذين يعتقدون أن الخصومات الطبقية يمكن تخفيفها وتخفيف حدتها ، وأنه يمكن احتواء الفوضى الاقتصادية الرأسمالية ، يمكن أن يعتقدوا أنه من الممكن أن تهدأ هذه الصراعات الدولية أو تنحسر أو تذوب. لأن التناقضات الدولية للدول الرأسمالية ليست سوى مكمل للخصومات الطبقية ، والفوضى السياسية العالمية ليست سوى الجانب العكسي للنظام الفوضوي للإنتاج الرأسمالي.[18]

على عكس التصريحات المطمئنة والرضا عن الذات بأن التوترات العالمية ستهدأ ، شهدت السنوات الثماني التي انقضت منذ أن كتب شتاينر هذه السطور توسعًا هائلاً في الاستعدادات الأمريكية لما أسمته 'صراع القوى العظمى' مع روسيا والصين. أعلنت استراتيجية الدفاع الوطني لعام 2018 أن 'المنافسة الاستراتيجية بين الدول، وليس الإرهاب ، هي الآن الشغل الشاغل للأمن القومي للولايات المتحدة'.

وأضافت أن 'المنافسة الاستراتيجية طويلة الأمد تتطلب تكاملاً سلساً لعناصر متعددة من القوة الوطنية، الدبلوماسية والمعلومات والاقتصاد والتمويل والاستخبارات وإنفاذ القانون والجيش'. [19]

أوضحت هذه الوثيقة أن حملة الحرب سوف تستخدم كفرصة لإخضاع جميع جوانب المجتمع للمجهود الحربي ، بما في ذلك تجريم الإضرابات والمعارضة الاجتماعية.

بعد عدة أشهر من نشر وثيقة استراتيجية الدفاع الوطني ، نشر موقع الاشتراكية العالمية مقالاً بعنوان 'تقرير البنتاغون يشير إلى استعدادات الولايات المتحدة للحرب الشاملة' ، وصف منشوراً للحكومة الأمريكية عنوانه 'تقييم وتعزيز قاعدة التصنيع والدفاع الصناعية ومرونة سلسلة التوريد في الولايات المتحدة '، والتي دعت إلى إعادة تنظيم الاقتصاد الأمريكي استعداداً للصراع العسكري. كتبنا في ذلك الوقت:

سيكون الهدف الرئيسي لمثل هذه الإجراءات هو القمع القسري للصراع الطبقي باسم تعزيز 'الأمن القومي'. [20]

نشرت صحيفة ليبراسيون الفرنسية اليومية تحقيقاً حول صحة هذا المقال ، زعمت فيه أن موقع الاشتراكية العالمية كان بالغ في استعدادات الولايات المتحدة للحرب الشاملة.

ورداً على ذلك ، كتب WSWS: 'يدعو التقرير إلى إجراء تغييرات في مجمل المجتمع الأمريكي بهدف خوض الحرب. إذا كانت صحيفة ليبراسيون لا ترى هذا على أنه استعداد لـ 'حرب شاملة' ، فهذا مجرد تأكيد للقول المأثور القديم القائل 'يمكنك قيادة الحصان إلى الماء ولكن لا يمكنك جعله يشرب'. [21]

نرى الآن مع اندلاع الحرب بين الولايات المتحدة والناتو ضد روسيا ، وإعلان إيمانويل ماكرون أن فرنسا يجب أن تبني 'اقتصاداً في زمن الحرب' ، وأن التحليل والتحذيرات الواردة في موقع الاشتراكية العالمية كانت صحيحة، فيما يتعلق بالولايات المتحدة وكذلك بفرنسا ودول الناتو الأخرى.

ترافقت الاستعدادات المنهجية للصراع العسكري ضد روسيا والصين مع تصعيد كبير للخطط الأمريكية للحرب النووية. ففي عام 2016 ، أطلقت إدارة أوباما تمويلاً قيمته عدة تريليونات من الدولارات للقوات النووية الأمريكية رافقه في عام 2018 انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة القوات النووية متوسطة المدى (INF).

في عملية بدأت في ظل إدارة ترامب واستمرت في عهد بايدن ، سعت الولايات المتحدة إلى محاصرة روسيا والصين بأسلحة هجومية كانت محظورة في السابق بموجب معاهدة القوات النووية متوسطة المدى.

وقد ترافق ذلك مع تصريحات مفادها أن الولايات المتحدة يجب أن 'تعيد التفكير في هرمجدون'، أي يجب أن تكون مستعدة لشن ما يسمى بالحرب النووية المحدودة والفوز بها والتي لا تتصاعد بالضرورة إلى تبادل نووي استراتيجي واسع النطاق.

خلفية الحرب بين الولايات المتحدة والناتو ضد روسيا

كان الصراع الذي اندلع بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ضد روسيا في فبراير 2022 طور التكوين على مدى أعوام.

إنه نتيجة إستراتيجية صاغها منظرو الإمبريالية الأمريكية مثل زبيغنيو بريجنسكي ، لتوسيع الناتو مئات الأميال شرقاً إلى أعتاب روسيا ، ثم جرها إلى حروب حدودية بهدف 'استنزاف روسيا حتى آخر قطرة'.

رأى بريجنسكي الصراع في أوكرانيا ، مع 'القتال الدامي من منزل إلى منزل' ، بمثابة إعادة تشغيل استراتيجية الولايات المتحدة في أفغانستان خلال أواخر العقد الثامن وأوائل العقد التاسع من القرن الماضي ، والتي هدفت إلى تمويل المقاتلين الإسلاميين ، الذين استمر الكثير منهم في تدعيم القاعدة وطالبان لمحاربة الاتحاد السوفيتي.

ففي عام 1979 ، زار بريجنسكي ، مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر ، أفغانستان للتحدث إلى الميليشيات الإسلامية التي تمولها الولايات المتحدة ، والتي كان أسامة بن لادن منظماً رئيسياً لها. قال بريجنسكي للمجاهدين:

هذه أرضكم ... ستعودون إليها يوماً ما لأن معركتكم ستنتصر وستعودون إلى بيوتكم ومساجدكم مرة أخرى لأن قضيتكم حق والله في صفكم. [22]

في مقابلة عام 1998 مع إحدى الصحف الفرنسية ، سُئل بريجنسكي عما إذا كان ، بالنظر إلى حقيقة أن بن لادن سيواصل تشكيل القاعدة من القوات التي تمولها الولايات المتحدة ، فهل يأسف لأفعاله في أفغانستان. أجاب بريجنسكي:

نأسف على ماذا؟ كانت تلك العملية السرية فكرة ممتازة. كان له تأثير جر الروس إلى الفخ الأفغاني وتريدون مني أن أندم عليه؟ في اليوم الذي عبر فيه السوفييت الحدود رسمياً ، كتبت إلى الرئيس كارتر ، بشكل أساسي: 'لدينا الآن فرصة لإعطاء الاتحاد السوفياتي حرب فيتنام الخاصة بها'. في الواقع ، على مدى 10 سنوات تقريباً ، كان على موسكو أن تخوض حرباً لم تكن مستدامة للنظام ، وهو الصراع الذي جاء بالإحباط وأخيراً فكك الإمبراطورية السوفيتية.[23]

وتابع المحاور الفرنسي: 'ولا أنتم نادمون على دعمكم للأصولية الإسلامية التي قدمت السلاح والنصائح لإرهابيي المستقبل؟' فرد بريجنسكي:

ما هو الأكثر أهمية في تاريخ العالم؟ طالبان أم انهيار الإمبراطورية السوفيتية؟ بعض المسلمين المهتاجين أم تحرير وسط أوروبا ونهاية الحرب الباردة؟ [24]

في الواقع ، مع تسليح قوى اليمين المتطرف في أوكرانيا ، سعت الولايات المتحدة إلى تكرار ما عدته نجاحها في تسليح المقاتلين الإسلاميين في أفغانستان.

ففي فبراير 2022 ، دعت وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت الولايات المتحدة إلى السعي لتحويل أزمة أوكرانيا إلى 'سيناريو يذكرنا باحتلال الاتحاد السوفيتي المشؤوم لأفغانستان في العقد التاسع من القرن الماضي'.[25]

تكرر هذا الموضوع مراراً وتكراراً من قبل الاستراتيجيين الإمبرياليين الأمريكيين إذ قال الجنرال السابق والسفير الأمريكي لدى الناتو دوغلاس لوت لصحيفة نيويورك تايمز:

'على أراضي الناتو ، يجب أن نكون باكستان' ، حيث قام بتخزين العتاد في بولندا وتنظيم خطوط الإمداد للأوكرانيين كما زودت باكستان طالبان في أفغانستان. [26]

وفي عام 2019 ، أثارت خطط الولايات المتحدة بعيدة المدى للتحريض على حرب مع روسيا في أوكرانيا أزمة سياسية داخلية ، اتخذت شكل ثالث محاكمة لرئيس أمريكي في التاريخ الأمريكي ، وتركزت حول مزاعم بأن دونالد ترامب أخَر شحنة أسلحة الى أوكرانيا. سأل موقع الاشتراكية العالمية في ذلك الوقت ، 'هل هناك جدول زمني لاستخدام هذه الأسلحة في القتال؟ هل تخطط الولايات المتحدة لاستفزاز من شأنه أن يدفع بأوكرانيا إلى هجوم عسكري كبير جديد؟[27]

نحن نعلم الآن أن الإجابة على هذا السؤال هي نعم ، والجدول الزمني كان أوائل عام 2022. وقد أوضحت ماري يوفانوفيتش ، سفيرة الولايات المتحدة السابقة في كييف ، الدور المركزي لأوكرانيا في التخطيط للحرب الأمريكية بوضوح ، والتي قالت خلال إجراءات العزل لعام 2019 ، أن أوكرانيا ،

مع وجود كتلة أرضية هائلة وعدد كبير من السكان ، لديها القدرة على أن تكون ... قوة مضاعفة كبيرة على الجانب الأمني ​​... والآن أوكرانيا هي ساحة معركة لمنافسة القوى العظمى ، مع حرب ساخنة للسيطرة على الأراضي وحرب هجين للسيطرة على القيادة الأوكرانية.[28]

عززت الأزمة السياسية الداخلية التي خلقتها الاستعدادات الأمريكية للحرب في أوكرانيا الاتجاهات الأكثر رجعية ومعاداة للديمقراطية داخل الدولة الأمريكية. انتهت محاكمة ترامب الأولى ، على حد تعبير السكرتير الوطني لحزب المساواة الاشتراكية جوزيف كيشور ، بـ 'كارثة سياسية للحزب الديمقراطي أدت فقط الى تعزيز ترامب'.

فخلال محاكمة الإقالة ، قدم محامو ترامب ادعاءات كاسحة وغير مسبوقة بالسلطة الرئاسية ، والتي وضعها ترامب لاحقاً موضع التنفيذ في محاولة تطبيق الأحكام العرفية رداً على الاحتجاجات الجماهيرية ضد عنف الشرطة ، وفي محاولته إنشاء ديكتاتورية رئاسية في 6 يناير. .

خسر ترامب الانتخابات الرئاسية على أساس المعارضة الشعبية ليس فقط بسبب مقاربته الكارثية لـ 'مناعة القطيع' تجاه جائحة COVID-19 ، ولكن بسبب قيامه بإثارة الحروب البلطجية ، وتهديداته بإطلاق 'النار والغضب' على كوريا الشمالية ، وتعهده بـ 'أخذ النفط' من الشرق الأوسط ، ودعوته العلنية للتعذيب وجرائم الحرب الأخرى.

ومع ذلك ، حذر موقع الاشتراكية العالمية من أن إدارة بايدن لن تؤدي إلا إلى تكثيف حملة الحرب الأمريكية ضد روسيا والصين:

لن تمهد إدارة بايدن / هاريس الدرب لبزوغ فجر جديد للهيمنة الأمريكية. بدلا من ذلك ، فإن محاولة تأكيد هذه الهيمنة ستكون من خلال عنف غير مسبوق. إذا تم إيصالها  إلى السلطة، بدعم من تجمع الرجعيين المسؤولين عن أسوأ جرائم القرن الحادي والعشرين، فسوف تلتزم بتوسيع واسع للحرب. [29]

ففي غضون أشهر من توليه منصبه ، صعدَت إدارة بايدن بشكل حاد الاستعدادات الأمريكية للصراع العسكري مع روسيا والصين ، مما أدى على الفور إلى زيادة شحنات الأسلحة إلى كل من أوكرانيا وتايوان.

وفي مارس من عام 2021 ، اعتمدت كييف وثيقة رسمية أوضحت أن هدفها هو 'استعادة' شبه جزيرة القرم بالوسائل العسكرية. تبع ذلك في وقت لاحق من العام نشر وثيقة الشراكة الاستراتيجية المشتركة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا ، والتي 'وضعت أساساً لتعزيز التعاون الدفاعي والأمن الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وأوكرانيا ...' بهدف 'مواجهة العدوان الروسي'. [30]

أدت هذه التطورات ، إلى جانب تسريع تحركات أوكرانيا للانضمام إلى حلف الناتو ، إلى خلق حالة رأت فيها الحكومة الروسية ، التي تعمل في إطار القومية البرجوازية المفلسة ، أن الرد العسكري هو خيارها الوحيد.

قبل ثلاثة أسابيع فقط من اندلاع الحرب ، في حوار صريح بشكل ملحوظ مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، حذر بوتين من أن سياسات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي تؤدي إلى الحرب:

تعتقد الدول الأوروبية ، بما في ذلك فرنسا ، أن القرم جزء من أوكرانيا ، لكننا نعتقد أنها جزء من الاتحاد الروسي. وماذا لو جرت محاولات لتغيير هذا الوضع بوسائل عسكرية؟ ضع في اعتبارك أن العقيدة الأوكرانية تعلن أن روسيا خصم وتذكر إمكانية استعادة شبه جزيرة القرم ، حتى باستخدام القوة العسكرية.

إذا كانت هناك أي محاولات لتغيير الوضع باستخدام الوسائل العسكرية وتقول العقيدة الأوكرانية إن روسيا هي خصم وأن شبه جزيرة القرم قد تُعاد بوسائل عسكرية ، فهذا يعني أنه ستكون هناك مواجهة عسكرية بين روسيا وحلف شمال الأطلسي.

هل تريد هذه الحرب؟ هل يريد قراءك وجمهورك أن تكون هذه الحرب حرباً بين روسيا وحلف الناتو؟ لن يكون هناك رابحون وسوف تنجذب إلى هذا الصراع رغماً عنك. [31]

من الواضح أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي كانا يريدان هذه الحرب. وأعلن بايدن ، 'أنا لا أقبل الخطوط الحمراء من أي شخص' ، فعل بايدن وإدارته كل ما في وسعهم لهمز روسيا بغزو أوكرانيا ، مما أشعل فتيل حرب أودت بالفعل بحياة عشرات الآلاف من الناس.

خصصت الولايات المتحدة، حتى الآن  أكثر من 50 مليار دولار من المساعدات العسكرية والاقتصادية لأوكرانيا ، حيث كلفت الحرب الولايات المتحدة أكثر من 500 مليون دولار يومياً.

وفي يوليو ، أعلن بايدن:

الفكرة أننا سنرسل معدات هجومية ولدينا طائرات ودبابات وقطارات مع الطيارين الأمريكيين والأطقم الأمريكية، فقط افهم، ولا تخدع نفسك ، بغض النظر عما تقوله، هذه تُسمى 'الحرب العالمية الثالثة. '[32]

على الرغم من هذا التحذير ، صعد البيت الأبيض بشكل كبير من تدخل الولايات المتحدة في الصراع يوماً بعد يوم ، وأسبوعاً بعد أسبوع ، وشهراً بعد شهر. ففي كل مرة قالت فيها إدارة بايدن إن الولايات المتحدة لن تفعل شيئاً في أوكرانيا ، في غضون أسابيع ، تمضي قدماً وتفعل.

على الرغم من إعلان بايدن أننا 'لن نرسل إلى أوكرانيا أنظمة صاروخية تضرب روسيا' ، لم تفعل الولايات المتحدة ذلك فحسب ، بل شجعت أوكرانيا على شن هجمات على شبه جزيرة القرم ، التي تعتبرها روسيا من  أراضيها.

أخيراً ، يظل سر مكشوف أن ثمة عناصر أمريكية تعمل على الأرض في أوكرانيا إذ ذكرت صحيفة نيويورك تايمز:

الأمريكيون في أوكرانيا. ثمةعدد غير معروف يقاتلون على الخطوط الأمامية. وتطوع آخرون ليكونوا أعضاء في فرق إجلاء الضحايا ، ومتخصصين في التخلص من القنابل ، وخبراء لوجستيات ومدربين. أصيب ما لا يقل عن 21 أمريكياً في القتال منذ بدء الحرب ... [33]

أشار المقال إلى دور القوات العسكرية السابقة والقوات شبه العسكرية في التنسيق المباشر للحرب. في التصعيد الأخير ، أوضحت شخصيات عسكرية أمريكية أن الولايات المتحدة تدرس بنشاط إرسال طائرات مقاتلة إلى أوكرانيا.

على الرغم من تصريحات بايدن بأن الحرب بين روسيا والولايات المتحدة ستكون 'حرب عالمية ثالثة' لا يمكن تصورها ، فقد أعلنت الشخصيات السياسية الأمريكية البارزة بشكل قاطع أن الحرب بين الولايات المتحدة وروسيا قد بدأت بالفعل.

'بصراحة نحن في حالة حرب. قال زعيم الأغلبية في مجلس النواب ستيني هوير 'لقد غزا ديكتاتور دون مبرر ، دولة صديقة ، هي أوكرانيا'. 'أتمنى أن نخرج من هذا وأن نركز حقاً على العدو. أعلم أن هناك الكثير من السياسة هنا لكننا في حالة حرب. نحن بحاجة إلى إنتاج الطاقة '. [34]

في مثال يعيد التاريخ نفسه ، أعلن بايدن أن تورط الولايات المتحدة في الصراع في أوكرانيا سيشكل بداية 'نظام عالمي جديد':

كما تعلمون ، نحن في نقطة انعطاف ، في اعتقادي ، في الاقتصاد العالمي ، وليس الاقتصاد العالمي فقط ، بل في العالم. وهذا يحدث كل ثلاثة أو أربعة أجيال.

كما أخبرني أحد كبار العسكريين في اجتماع آمن في ذلك اليوم ، مات 60 مليون شخص بين عامي 1900 و 1946. ومنذ ذلك الحين أنشأنا نظاماً عالمياً ليبرالياً ، وقد مرت فترة طويلة على مثل هذا...

والآن هو الوقت الذي تتغير فيه الأمور. سيكون هناك نظام عالمي جديد ، وعلينا أن نقوده. وعلينا أن نوحد بقية العالم الحر للقيام بذلك. [35]

قد يعتقد المرء أن عبارة 'النظام العالمي الجديد' ، التي تثير سلسلة من الحروب الكارثية التي قتلت الملايين ودمرت أجزاء كبيرة من العالم ، سوف تتقاعد من قاموس السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

ومع ذلك ، إذا نظرنا إلى الأمور من منظور الطبقة السائدة ، فهل كان هناك حقاً أي شيء سيء للغاية في الفترة من عام 1990 حتى عام 2020؟ كانت هناك أربع سنوات فقط ، 2001 ، 2002 ، 2008 و 2009 ، كانت فيها البورصة متراجعة طوال العام ، في فترة العقود الثلاثة هذه بأكملها. بدأ مؤشر ناسداك عند 415 وهو الآن عند 12639 ، بزيادة 30 ضعفاً ، أو ما يقرب من 15 مرة أسرع من معدل التضخم.

ربما تكون حروب أمريكا قد قتلت وشوهت الملايين ، وخلقت ندوباً دائمة في المجتمع الأمريكي ، وقوضت الأشكال الديمقراطية للحكم في الولايات المتحدة ، لكنها كانت مفيدة للأعمال التجارية. هل هناك أي شيء غير منطقي ، من وجهة نظر الأوليغارشية المالية في أمريكا ، لترى في حرب أكبر إمكانية تحقيق فوائد أكبر؟

في 26 آذار (مارس) ، تعهد بايدن للولايات المتحدة بـ 'حرب أبدية' جديدة ، معلناً ، 'يجب أن نلتزم الآن بأن نكون في هذه المعركة على المدى الطويل. يجب أن نظل موحدين اليوم وغداً وبعد يوم ولسنوات وعقود مقبلة '. [36]

خطط الولايات المتحدة للحرب مع الصين.

حتى مع تصعيدها لحربها مع روسيا ، تعمل الولايات المتحدة على إثارة حرب مع الصين ، والتي وصفتها إدارات ترامب وبايدن بأنها الهدف الاستراتيجي الرئيسي للجيش الأمريكي.

ففي عام 2018 ، ألقى نائب الرئيس مايك بنس خطاباً حول صراع الولايات المتحدة مع الصين الذي يمثل انعكاساً لعقود من السياسة السابقة التي تعود إلى رحلة نيكسون إلى الصين عام 1971. وأدان بنس سياسات الإدارات السابقة للمشاركة الاقتصادية مع الصين:

وبتفاؤل شديد ، في مطلع القرن الحادي والعشرين ، وافقت أمريكا على منح بكين وصولاً مفتوحاً إلى اقتصادنا ، وجلب الصين إلى منظمة التجارة العالمية. ...

على مدى السنوات الـ 17 الماضية ، نما الناتج المحلي الإجمالي للصين تسعة أضعاف. أصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم. كان جزء كبير من هذا النجاح مدفوعاً بالاستثمارات الأمريكية في الصين. ... لقد بنت هذه السياسات قاعدة التصنيع في بكين ، على حساب منافسيها، وخاصة أمريكا….

الآن ، من خلال خطة 'صنع في الصين 2025' ، وضع الحزب الشيوعي نصب عينيه السيطرة على 90٪ من الصناعات الأكثر تقدماً في العالم ، بما في ذلك الروبوتات ، والتكنولوجيا الحيوية ، والذكاء الاصطناعي.[37]

قال بنس إن الصين تسعى 'للفوز بالمرتفعات القيادية لاقتصاد القرن الحادي والعشرين' ، وتواصل 'العدوان الاقتصادي'.

احتضنت إدارة بايدن المحتوى الأساسي لهذا الصخب العسكري ، الذي يعيد إلى الأذهان الديماغوجية القومية لألمانيا القيصر فيلهلم الثاني ، في جميع الجوانب الأساسية. ففي أكتوبر 2021 ، أعلنت الممثلة التجارية الأمريكية كاثرين تاي أن إدارة بايدن ستدافع عن 'المصالح الاقتصادية' للولايات المتحدة ضد الصين 'إلى أقصى درجة'.

في ما وصف بأنه الخطاب الذي خلف خطاب بنس المناهض للصين لعام 2018 ، أعاد وزير الخارجية أنطوني بلينكين تأكيد محتواه الأساسي في بيان سياسي رئيسي في مايو 2022 ، معلناً:

حتى مع استمرار حرب الرئيس بوتين ، سنظل مركزين على أخطر تحد طويل الأمد للنظام الدولي، وهو التحدي الذي تفرضه جمهورية الصين الشعبية.

الصين هي الدولة الوحيدة التي لديها نية لإعادة تشكيل النظام الدولي ، وتمتلك بشكل متزايد القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية للقيام بذلك.[38]

بحلول الوقت الذي ألقى فيه بلينكين هذا الخطاب ، كانت خطة عمل ملموسة قد تبلورت من خلالها ستسعى الولايات المتحدة إلى إثارة حرب مع الصين من خلال الانتهاك المنهجي لضماناتها بعدم الترويج لاستقلال تايوان وإنهاء مبدأ الصين الواحدة ، ستجبر الولايات المتحدة الصين على السعي لإعادة توحيد تايوان مع البر الرئيسي بالقوة.

أوضح إلبريدج كولبي ، أحد المحررين الرئيسيين لاستراتيجية الدفاع الوطني لعام 2018 ، هذه الاستراتيجية بوضوح في كتابه ، استراتيجية الإنكار ، الذي جادل بأن الولايات المتحدة يجب أن تسعى إلى تصوير الصين على أنها المعتدي في نزاع مع الولايات المتحدة:

ربما تكون الطريقة الأكثر وضوحاً والأكثر أهمية في بعض الأحيان للتأكد من رؤية الصين بهذه الطريقة هي ببساطة التأكد من أنها هي التي ستضرب أولاً. هناك القليل من البديهيات الأخلاقية البشرية التي لها جذور عميقة أكثر من الشخص الذي بدأ العدوان ، وبالتالي الشخص الذي يفترض أنه يمتلك نصيباً أكبر من المسؤولية الأخلاقية.[39]

ووفقاً لخطة كولبي ، فإن السرد المقدم للاستهلاك العام من قبل الولايات المتحدة هو أن الأزمة في مضيق تايوان هي نتيجة 'عدوان غير مبرر' من جانب الصين. لكن مؤسسات الفكر والرأي الأمريكية ، التي تكتب للجمهور داخل مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية ، صريحة بشكل ملحوظ في أن الولايات المتحدة ، وليس الصين ، هي التي تسعى إلى تغيير الوضع الراهن في تايوان.

ففي مقال بعنوان 'انهيار الصين الواحدة' ، فصل مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية جزئيات الوسائل التي تقوم بها الولايات المتحدة بتفكيك سياسة صين واحدة بشكل منهجي:

[bullet point][indent]

  • 'تجاوزت واشنطن بشكل علني بعض الخطوط الحمراء المتعلقة بالأمن التي طالما تصورتها بكين، دون عواقب مباشرة، بما في ذلك النشر الدائم لحرس الأمن البحري الأمريكي في تايبيه ، وتصدير الطائرات المقاتلة المتطورة والأسلحة الهجومية ، والكشف عن الأسلحة الخاصة الأمريكية تدريب المشغلين نظرائهم في تايوان '.
  • 'خلال إدارة ترامب ، أعرب نائب الرئيس ووزراء مجلس الوزراء بشكل روتيني وعلني عن دعمهم لتايوان وأدانوا عدوان الصين، وهي ممارسة استمرت إدارة بايدن فيها'.
  • 'على الرغم من سياسة الغموض طويلة الأمد فيما يتعلق بالتدخل الأمريكي ، أشار بايدن ثلاث مرات على الأقل إلى أن الولايات المتحدة ملتزمة بالدفاع العسكري عن تايوان ، وكشف عن غرائزه كقائد أعلى للقوات المسلحة'.
  • 'من خلال دعوة تايوان للمشاركة في القمة الافتتاحية للديمقراطية في ديسمبر 2021 ، أرسل بايدن إشارة إلى الصين والعالم: يجب السماح للشعب التايواني باختيار طريقه الخاص.'

وخلص التقرير إلى أنه: 'باستثناء حدوث تحول كبير في السياسة في إحدى العواصم الثلاث ، فإن سياساتها تؤدي إلى استبعاد البدائل المقبولة للطرفين أو التنازلات، مما يترك طريقاً واحداً مفتوحاً أمام بكين: استخدام القوة'. [40 ]

المكون المحلي لحملة الحرب الأمريكية.

إن أهداف حملة الحرب الأمريكية اقتصادية في الأساس ، والأهداف يجب أن تتحقق ليس فقط من خلال ما تراه الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة على أنه الفوائد الخارجية للحرب ، ولكن التأثير على العلاقات الاجتماعية المحلية أيضاً.

شهدت الأشهر الستة منذ اندلاع الحرب بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في أوكرانيا أكبر انخفاض في الأجور الحقيقية ، بمعدل سنوي قارب 3 في المئة منذ الانهيار المالي في عام 2008. لكن ترافق ذلك مع زيادة تاريخية في أرباح الشركات.

كما هو الحال مع الانهيار المالي لعام 2008 ، هدف رد فعل الطبقة الحاكمة على الأزمة التي أثارتها الحرب إلى وضع العبء بأكمله على عاتق الطبقة العاملة.

تم تحديد هذه السياسة من قبل رئيس مجلس التحوطي الفيدرالي جيروم باول في 15 يونيو ، وهو اليوم الذي أعلن فيه صندوق التحوط الفيدرالي عن زيادة غير متوقعة قدرها 75 نقطة أساس في سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية. قال باول:

لعقود من الزمن قبل الجائحة وإعادة الانفتاح ، كان لديك عالم تهيمن فيه على التضخم قوى مناهضة للتضخم مثل ... العولمة التي مكنتها التكنولوجيا. ... لقد مررنا الآن بسلسلة غير عادية من الصدمات ، إذا فكرت في الأمر: الوباء ... لا يمكنك الحصول على هذا النوع من التضخم دون تغيير في جانب العرض ... لديك الكثير من الفائض في الطلب ... مثال في سوق العمل ... لديك وظيفتان شاغرتان ، بشكل أساسي ، لكل شخص يبحث بنشاط عن وظيفة ، وقد أدى ذلك إلى عدم توازن حقيقي في التفاوض بشأن الأجور. [41]

الادعاء بأن المشاكل الاقتصادية في الولايات المتحدة ناجمة عن ارتفاع الأجور هو احتيال. انخفضت الأجور بالقيمة الحقيقية بأكثر من 3 في المئة خلال العام الماضي وسط الارتفاع غير العادي في الأسعار. في الوقت نفسه ، سجلت أرباح الشركات ، المكون الرئيسي لارتفاع الأسعار ، مستويات قياسية تلو الأخرى.

عندما يتحدث باول عن الضغوط التضخمية ، فإنه يتحدث عن ندوب الحياة الاقتصادية في الولايات المتحدة بسبب وفاة مليون شخص وإصابة ملايين آخرين بالشلل ، إلى جانب الآثار التضخمية للحروب التجارية العالمية للولايات المتحدة والارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية والأغذية و أسعار الطاقة الناجمة عن الحرب مع روسيا.

ثمة حل واحد لكل هذه المشاكل الاقتصادية الموضوعية ، لدى الطبقة الحاكمة الأمريكية هو زيادة استغلال الطبقة العاملة. في الوقت نفسه ، يجب سحق مقاومة العمال. كما أوضحت وثيقة استراتيجية الدفاع الوطني الأمريكية لعام 2018 ، فإن الحرب توفر الأساس المنطقي لقمع الصراع الطبقي باسم 'المصلحة الوطنية'.

ففي عام 2019 ، أوضح المرشح الرئاسي للحزب الديمقراطي بيت بوتيجيج العنصر الداخلي للصراع الأمريكي مع الصين ، قائلاً:

يوفر لنا التحدي الصيني الجديد فرصة للالتقاء معاً لنتجاوز الانقسام السياسي. ما لا يقل عن نصف المعركة في المنزل ... [42]

تم تعيين بوتيجيج الآن وزيراً للنقل في إدارة بايدن ، مكلفاً بالحفاظ على القطارات تعمل في الوقت المحدد والتأكد من أن المعارضة المتزايدة داخل الطبقة العاملة لا تنفجر في سلسلة من النضالات التي يمكن أن تعطل جني الأرباح للشركات الأمريكية الكبرى و المجهود الحربي.

كما رأينا بالفعل في سلسلة الإضرابات بين عمال القطارات وغيرهم من العاملين في مجال الخدمات اللوجستية ، سعت إدارة بايدن إلى إصدار أوامر قضائية وإجراءات قضائية أخرى لوقف الإضرابات ووقف ظهور معارضة الطبقة العاملة باسم الأمن القومي.

الخلاصة

في يوليو 1939 ، عشية الحرب العالمية الثانية ، قدم ليون تروتسكي التشخيص التالي:

لا أرى أي نتيجة طبيعية وقانونية وسلمية من هذا المأزق. لا يمكن تحقيق النتيجة إلا من خلال انفجار تاريخي هائل. الانفجارات التاريخية نوعان: الحروب والثورات. أعتقد أننا سنحصل على كليهما. برامج الحكومات الحالية ، الجيدة منها والسيئة، إذا افترضنا أن هناك حكومات جيدة أيضاً تبدو برامج الأحزاب المختلفة ، والبرامج السلمية والبرامج الإصلاحية ، الآن ، على الأقل بالنسبة للرجل الذي يراقبها. من الجانب ، مثل لعب الأطفال على الجانب المنحدر من البركان قبل ثوران البركان. هذه هي الصورة العامة للعالم اليوم. [43]

طور التقرير المقدم إلى المؤتمر الوطني الخاص لعام 1990 لرابطة العمال هذا التحليل:

يتم إعادة رسم الخريطة السياسية بشكل كبير كما كانت في فترة ما بعد عام 1914. السؤال هو: كيف سيتم إعادة رسمها ومن سيقوم بإعادة الرسم؟ هل سيتم إعادة رسمها على أساس رأسمالي ، أي من خلال الحروب والضم الدموي ، وهو ما سيخبئه المستقبل ، أم ستعيد الطبقة العاملة رسمها من خلال إلغاء الحدود الوطنية وإنشاء فيدرالية اشتراكية عالمية؟ [44]

هذا المؤتمر ، والحزب الذي يمسك به ، هما المعارضة السياسية الوحيدة المفصلة عن وعي لانفجار الإمبريالية الأمريكية. وذلك لأن حزب المساواة الاشتراكي هو الوحيد الذي يتحدث عن معارضة جماهيرية لسياسات الحرب والتقشف والعدوى الجماعية للطبقة الحاكمة داخل الطبقة العاملة.

تم عقد المؤتمر التأسيسي للأممية الرابعة قبل اندلاع أعظم اندلاع للهمجية الإمبريالية في التاريخ أي الحرب العالمية الثانية. في ضوء الفظائع التي لحقت بالبشرية في السنوات اللاحقة ، يبدو البيان التأسيسي بمثابة تحذير نبوئي:

لا مخرج للعالم الرأسمالي ، ما لم يؤخذ في الاعتبار عذاب الاحتضار المطول. من الضروري التحضير لسنوات طويلة ، إن لم تكن عقود ، من الحروب والانتفاضات وفترات الهدنة القصيرة والحروب الجديدة والانتفاضات الجديدة. يجب على الحزب الثوري الشاب أن يرتكز على هذا المنظور. سيوفر له التاريخ ما يكفي من الفرص والإمكانيات لاختبار نفسه ، وتجميع الخبرة ، والنضج. كلما اندمجت صفوف الطليعة بشكل أسرع ، تم تقصير فترة التشنجات الدموية ، قل الدمار الذي يعانيه كوكبنا. لكن المشكلة التاريخية الكبرى لن تحل بأي حال من الأحوال حتى يقف الحزب الثوري على رأس البروليتاريا.[45]

هذه هي مهمة مؤتمر حزب المساواة الاشتراكية هذا ، لدمج صفوف هذه الطليعة. إنني أحث بشدة على اتخاذ القرار المناهض للحرب. إنه الأساس البرامجي الذي تقوم عليه الحركة المتنامية للطبقة العاملة من الولايات المتحدة إلى سريلانكا إلى الشرق الأوسط وآسيا ، وسوف تتسلح بالمنظور الاشتراكي لمعارضة اندلاع الإمبريالية.

يجب ألا تكون لدينا أوهام فإن الأفعال المتهورة للإمبريالية الأمريكية تهدد تدمير الحضارة الإنسانية. لكن هذا لا يعني أننا بأي حال من الأحوال قدريون نعتقد أن الكارثة أمر لا مفر منه.

سيتم تحديد نتيجة هذه الأزمة في النضال. عهود الحرب هي عهود ثورة. السؤال المركزي هو بناء قيادة اشتراكية في الطبقة العاملة ، وهذه مهمة هذا المؤتمر.

Footnotes

[1] Socialist Equality Party, “Mobilize the Working Class against Imperialist War!,” World Socialist Web Site, accessed August 23, 2022, https://www.wsws.org/en/articles/2022/08/17/mobi-a17.html.

[2] David North, “War in the Persian Gulf: Perspectives and Tasks of the Fourth International,” World Socialist Web Site, accessed August 23, 2022, https://www.wsws.org/en/special/library/fi-18-1/09.html.

[3] “The war against Iraq and America’s drive for world domination,” World Socialist Web Site, accessed August 20, 2022, https://www.wsws.org/en/articles/2002/10/iraq-o04.html.

[4] “The Crisis of American Capitalism and the War against Iraq,” World Socialist Web Site, accessed August 20, 2022, https://www.wsws.org/en/articles/2003/03/iraq-m21.html.

[5] “Notes for the Statement on Militarism,” unpublished letter from David North to Michael Banda, November 4, 1981.

[6] Ibid.

[7] US Department of Defense, Defense Planning Guidance (as published by the New York Times, March 8, 1992), http://nsarchive.gwu.edu/nukevault/ebb245/doc03_extract_nytedit.pdf.

[8] “Public Papers - George Bush Library and Museum,” accessed August 23, 2022, https://bush41library.tamu.edu/archives/public-papers/2625.

[9] “War in the Persian Gulf.”

[10] “The Crisis of American Capitalism and the War against Iraq,” World Socialist Web Site, accessed August 20, 2022, https://www.wsws.org/en/articles/2003/03/iraq-m21.html.

[11] “After the Slaughter: Political Lessons of the Balkan War,” World Socialist Web Site, accessed August 20, 2022, https://www.wsws.org/en/articles/2009/03/balk-m30.html.

[12] Ibid.

[13] “Arab TV Shows Iraq Abuse Photos,” accessed September 6, 2022, https://www.cbsnews.com/news/arab-tv-shows-iraq-abuse-photos/.

[14] “The Crisis of American Capitalism and the War against Iraq.”

[15] “Socialism and the Fight Against War,” World Socialist Web Site, accessed August 20, 2022, https://www.wsws.org/en/articles/2016/02/18/icfi-f18.html.

[16] “Socialism and the Fight Against Imperialist War,” World Socialist Web Site, accessed August 25, 2022, https://www.wsws.org/en/articles/2014/07/03/icfi-j03.html.

[17] Alex Steiner, “A Comment on the Resolution of the SEP on the Fight against War,” accessed August 21, 2022, http://forum.permanent-revolution.org/2014/09/a-brief-comment-on-resolution-of-sep-on.html.

[18] John Riddel, ed., Lenin’s Struggle for a Revolutionary International: Documents: 1907-1916: The Preparatory Years, 2nd edition (New York: Pathfinder Press, 1986) pp. 72-73.

[19] “Summary of the 2018 National Defense Strategy,” https://dod.defense.gov/Portals/1/Documents/pubs/2018-National-Defense-Strategy-Summary.pdf, p. 14.

[20] “Pentagon Report Points to US Preparations for Total War,” World Socialist Web Site, accessed August 21, 2022, https://www.wsws.org/en/articles/2018/10/11/tota-o11.html.

[21] “Is the WSWS Exaggerating the Threat of War?,” World Socialist Web Site, accessed August 21, 2022, https://www.wsws.org/en/articles/2018/10/17/libe-o17.html.

[22] SYND 06/02/80 BRZEZINSKI TOURS KHYBER PASS REFUGEE CAMPS, 2015, https://www.youtube.com/watch?v=1BEsXLNE8tA.

[23] “Brzezinski Interview | David N. Gibbs,” accessed September 7, 2022, https://dgibbs.faculty.arizona.edu/brzezinski_interview.

[24] Ibid.

[25] Madeleine Albright, “Opinion | Putin Is Making a Historic Mistake,” New York Times, February 23, 2022, https://www.nytimes.com/2022/02/23/opinion/putin-ukraine.html.

[26] Steven Erlanger, “NATO Countries Pour Weapons Into Ukraine, Risking Conflict With Russia,” New York Times, March 2, 2022, sec. World, https://www.nytimes.com/2022/03/02/world/europe/nato-weapons-ukraine-russia.html.

[27] “The Impeachment Crisis and US War Plans against Russia,” World Socialist Web Site, accessed August 21, 2022, https://www.wsws.org/en/articles/2019/12/31/pers-d31.html.

[28] “Read Marie Yovanovitch’s Prepared Opening Statement From the Impeachment Hearing,” New York Times, November 15, 2019, sec. U.S., https://www.nytimes.com/2019/11/15/us/politics/marie-yovanovitch-opening-statement.html.

[29] “The Biden Campaign and the Attempt to ‘Rescue’ American Hegemony,” World Socialist Web Site, accessed September 7, 2022, https://www.wsws.org/en/articles/2020/08/22/pers-a22.html.

[30] The White House, “Joint Statement on the U.S.-Ukraine Strategic Partnership,” September 1, 2021, https://www.whitehouse.gov/briefing-room/statements-releases/2021/09/01/joint-statement-on-the-u-s-ukraine-strategic-partnership/.

[31] Putin and Macron in Joint Press Conference (7/2/2022), https://www.youtube.com/watch?v=7PhTiONQ9Ds.

[32] https://www.whitehouse.gov/briefing-room/speeches-remarks/2022/03/11/remarks-by-president-biden-at-the-house-democratic-caucus-issues-conference/

[33] “In Ukraine, U.S. Veterans Step In Where the Military Will Not,” New York Times, July 3, 2022, accessed August 28, 2022, https://www.nytimes.com/2022/07/03/us/politics/american-combat-volunteers-ukraine.html.

[34] “Democratic Leader Steny Hoyer: ‘We’re At War,’ Forget About ‘Blaming Our Own President’ And ‘Focus On The Enemy’ | Video | RealClearPolitics,” accessed September 7, 2022, https://www.realclearpolitics.com/video/2022/05/13/steny_hoyer_were_at_war_forget_about_the_politics_and_focus_on_the_enemy.html.

[35] The White House, “Remarks by President Biden Before Business Roundtable’s CEO Quarterly Meeting,” March 22, 2022, https://www.whitehouse.gov/briefing-room/speeches-remarks/2022/03/21/remarks-by-president-biden-before-business-roundtables-ceo-quarterly-meeting/.

[36] The White House, “Remarks by President Biden on the United Efforts of the Free World to Support the People of Ukraine,” March 26, 2022, https://www.whitehouse.gov/briefing-room/speeches-remarks/2022/03/26/remarks-by-president-biden-on-the-united-efforts-of-the-free-world-to-support-the-people-of-ukraine/

[37] U. S. Embassy San Salvador, “Remarks Delivered by Vice President Mike Pence on the Administration’s Policy towards China at Hudson Institute on October 4, 2018,” U.S. Embassy in   El Salvador, October 5, 2018, https://sv.usembassy.gov/remarks-delivered-by-president-mike-pence-on-the-administrations-policy-towards-china-at-hudson-institute-on-october-4-2018/.

[38] “The Administration’s Approach to the People’s Republic of China,” United States Department of State (blog), accessed August 21, 2022, https://www.state.gov/the-administrations-approach-to-the-peoples-republic-of-china/

[39] Elbridge A. Colby, The Strategy of Denial (New Haven: Yale University Press, 2021), p. 213.

[40] “The Collapse of One China,” accessed August 28, 2022, https://www.csis.org/analysis/collapse-one-china.

[41] “Transcript of Chair Powell’s Press Conference, June 15, 2022,” 2022, https://www.federalreserve.gov/mediacenter/files/FOMCpresconf20220615.pdf.

[42] Democracy in Action, Pete Buttigieg Delivers Remarks on Foreign Policy and National Security, June 11, 2019, accessed August 23, 2022, https://www.democracyinaction.us/2020/buttigieg/buttigiegpolicy061119foreign.html.

[43] Leon Trotsky, “On the Eve of World War II,” Writings of Leon Trotsky (1939-40) (New York: Pathfinder Press, 1973, 2019), pp. 17–18.

[44] “War in the Persian Gulf.”

[45] “Manifesto of the Fourth International on the imperialist war and the proletarian world revolution,” Writings of Leon Trotsky (1939-40), p. 290.

Loading