العربية

تركيا تواصل قصف القوات الكردية في سوريا وتهدد باجتياح بري

نُشرت هذه المقالة في الأصل باللغة الإنجليزية في25  نوفمبر 2022

بعد قصف الميليشيات القومية الكردية في شمال سوريا والعراق نهاية الأسبوع الماضي ، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الغزو البري وشيك. تم، في الأيام الأخيرة ،  اعتقال أكثر من 100 شخص في مدن مثل اسطنبول وديار بكر شاركوا في الاحتجاج على الهجمات عبر الحدود. ادعت أنقرة أن غاراتها الجوية هي رد انتقامي على الهجوم الإرهابي الذي وقع في 13 نوفمبر / تشرين الثاني في اسطنبول ، و  أسفر عن مقتل ستة مدنيين.

وقال أردوغان يوم الأربعاء 'بينما سنواصل ضرباتنا الجوية دون انقطاع ، سنهاجم الإرهابيين على الأرض في أنسب وقت لنا'. وأعلن عن خطط لـ 'إغلاق الحدود الجنوبية بأكملها من هاتاي إلى حكاري بشريط أمني' ، ملمحاً إلى أنه قد يمدد احتلال تركيا لمناطق في شمال سوريا ، المستمر منذ عام 2016 ، ليشمل العراق.

قال أردوغان حول أهداف الغزو المحتملة ،: 'لقد أنشأنا بالفعل جزءاً من هذا الشريط من خلال العمليات عبر الحدود التي نفذناها (في سوريا). سنهتم بالباقي خطوة بخطوة ، بدءاً بمصادر المشاكل مثل تل رفعت ومنبج وكوباني '.

يهدد هجوم للجيش التركي الذي يستهدف القوات الكردية بإشعال نزاع واسع النطاق وتشريد أعداد كبيرة من الناس. وتضم الميليشيات المكونة لقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد وفق التقارير  حوالي 100000 مقاتل.

قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار يوم الأحد الماضي ،  'تم تنفيذ العملية الجوية السيف والمخلب بنجاح ، و عادت جميع الطائرات بأمان إلى قواعدها بعد العملية'.

لكن بعد مقتل مدنيين ، أحدهما طفل ، يوم الاثنين في هجمات صاروخية من شمال سوريا على منطقة كركاميس في غازي عنتاب داخل تركيا ، قصفت حكومة أردوغان مرة أخرى مواقع وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية. وألقت أنقرة باللوم على القوات الكردية في الهجمات الصاروخية. لكن القوات الكردية نفت ذلك ، مؤكدة أنه مثل تفجير اسطنبول ، نفذته قوات إسلامية تسيطر عليها تركيا.

وتضاربت تصريحات الطرفين المتعارضين بشأن الضربات الجوية. ففي حين زعم المسؤولون الأتراك أنهم قتلوا '326 إرهابياً' ، زعمت قوات سوريا الديمقراطية أن 12 جندياً تركياً وثمانية مقاتلين إسلاميين قتلوا في عمليات 'دفاع مشروع'. وبحسب ما ورد قُتل ما لا يقل عن 11 مدنياً ، بينهم صحفي.

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن إن الضربات الجوية التركية قتلت 45 شخصا ًبينهم ثمانية مقاتلين آخرين من قوات سوريا الديمقراطية أمس. وأضاف أن 18 من القتلى من جنود الحكومة السورية. كما أفادت الأنباء أن القوات السورية انتشرت في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في الأشهر الأخيرة ، بدعم روسي ، وسط محادثات بين قوات سوريا الديمقراطية ودمشق.

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومصادر كردية إن غارات جوية استهدفت محيط مخيم الهول في شمال شرق سوريا ، حيث زعموا أن 'عائلات داعش موجودة'. لكن وفقا ًلتقرير حديث للأمم المتحدة ، فإن '50 بالمئة من إجمالي سكان الهول (حالياً حوالي 56000 فرد) تقل أعمارهم عن 12 عاماً  ويجدون أنفسهم محرومين من حقوقهم ، وضعفاء ومهمشين'.

هذه الصراعات هي نتاج 11 عاماً من الحرب بالوكالة التي شنتها قوى الناتو بقيادة واشنطن  ضد سوريا. في البداية  وسط انتفاضات الطبقة العاملة في مصر وتونس في عام 2011 ،  قامت بتسليح الميليشيات المرتبطة بالقاعدة في سوريا للإطاحة بالرئيس بشار الأسد. عندما ظهرت ميليشيا داعش الإسلامية في سوريا وغزت العراق،ثم  شنت قوى الناتو 'حرباً على داعش' ، مما جعل قوات سوريا الديمقراطية في سوريا متمركزة حول وحدات حماية الشعب الكردية القومية (YPG) كوكيلها الرئيسية.

كانت البرجوازية التركية مستاءة من التأثير المتزايد لوحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني ، خوفاً من المشاعر القومية الكردية في تركيا نفسها. ففي السنوات الأخيرة ، شنت أنقرة هجمات متكررة عبر الحدود على القوات القومية الكردية في سوريا والعراق.

أصبح هذا الصراع الآن أكثر تفجراً بسبب حرب الناتو على روسيا في أوكرانيا التي حاولت تركيا التوسط فيها ، نظراً لعلاقاتها القوية مع كل من روسيا وأوكرانيا.

أما الآن ، فتدور المناورة بين واشنطن وموسكو ، إذ يهدف أردوغان إلى الحصول على الضوء الأخضر لغزو سوريا ومهاجمة القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة - كل من واشنطن ، حليفته في الناتو ، ومن موسكو وطهران ، اللتين تدعمان الأسد. وهددت أنقرة باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد عضوية السويد وفنلندا في حلف شمال الأطلسي إذا لم يمنحها الناتو حرية التصرف في سوريا والعراق. كما تحاول تطبيع العلاقات مع الأسد بعد أن عملت لسنوات لتدمير نظامه.

وانتقدت واشنطن ، التي تخلت بالفعل عن حلفائها الأكراد في  وجه غزو تركي في عام 2019 ، هجوم أردوغان. و يوجد اليوم حوالي 900 جندي أمريكي والعديد من القواعد الأمريكية في شمال شرق سوريا في المناطق التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب ، التي تعتبرها أنقرة تهديداً كبييراً.

يوم الأربعاء ، أعرب البنتاغون عن 'مخاوفه' من 'الإجراءات المتصاعدة في شمال سوريا والعراق وتركيا. هذا التصعيد يهدد جهود التحالف الدولي لهزيمة التقدم الذي أحرزه  على مدى سنوات  لتقويض وهزيمة داعش.)..  هددت الضربات الجوية الأخيرة في سوريا بشكل مباشر سلامة الأفراد الأمريكيين الذين يعملون في سوريا مع شركاء محليين لهزيمة داعش والحفاظ على أكثر من 10000 محتجز من داعش. علاوة على ذلك ، فإن الأعمال العسكرية غير المنسقة تهدد سيادة العراق '.

كما تهدد الهجمات التركية القوات الروسية في سوريا. وفقًا لوكالة أنباء ANHA السورية الكردية القومية ، أصابت الضربات التركية موقعا ًفي منطقة تل تمر السورية ، مما أسفر عن مقتل مقاتلين من قوات سوريا الديمقراطية نجاةالقوات الروسية التي غادرت قبل فترة وجيزة.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا يوم الخميس: 'نتفهم مخاوف تركيا بشأن التهديدات لأمنها القومي ، لكن في الوقت نفسه نعتقد أن عملية برية على الأراضي السورية لن تؤدي إلا إلى تصعيد التوترات في المنطقة وتؤدي إلى زيادة النشاط الإرهابي '.

فوفقاً لتقارير وكالة الأسوشييتد برس ، كتب أردوغان أيضاً إلى الأسد ، داعيا ًإلى 'عودة الجيش السوري إلى المناطق التي يسيطر عليها الأكراد الآن ، والعمل على منع المقاتلين الأكراد من استخدام الغاز والنفط السوري ، وإعادة اللاجئين السوريين في تركيا. إلى سوريا '. وبحسب ما ورد أعلن أردوغان أنه مستعد لإرسال مبعوثين إلى دمشق. لكن الأسد رفض ذلك واقترح الاجتماع في دولة ثالثة.

تواصل القوات القومية الكردية رفضها القاطع لمزاعم أنقرة بأنها نفذت هجوم اسطنبول ، الذي تستخدمه لتبرير هجومها. وقال مظلوم عبدي ، قائد قوات سوريا الديمقراطية ، لـ 'المونيتور': 'أعتقد أن (لهجوم الإرهابي) كان عملاً استفزازيًا قامت به الحكومة التركية بهدف  تمهيد الطريق للحرب ضدنا'.

وألقى عبدي باللوم في الهجوم على 'جماعات المعارضة السورية العاملة تحت سيطرة تركيا'. وقال إن ثلاثة أشقاء لأحلام البشير ، التي اعتقلت بتهمة زرع القنبلة في اسطنبول ، ماتوا وهم يقاتلون في صفوف داعش ، وأن 'شقيق آخر هو قيادي في المعارضة السورية المدعومة من تركيا في عفرين'. يُزعم أن البشير ، التي سُرِّبت شهادتها إلى وسائل الإعلام التركية الموالية للحكومة ، عرفت شقيقها محمد باعتباره 'قائداً بارزاً في الجيش السوري الحر' ، وهو ميليشيا إسلامية تدعمها تركيا. ومع ذلك ، ورد أنها ادعت أيضاً أنها تنتمي إلى وحدات حماية الشعب.

كما ربط عبدي إطلاق أردوغان للهجمات بالانتخابات التركية 2023 ، قائلاً: 'لكن على الفور هناك مسألة الانتخابات في تركيا. ... أردوغان وحكومته يمهدون الأرضية ، ويحددون المزاج العام للانتخابات المقبلة.

وشدد عبدي على استعداد القوميين الأكراد للتعامل مع أنقرة ، مدعياً أن أمام أردوغان 'طريقان': إذ'يمكنه إما التوصل إلى اتفاق مع الحركة الكردية ، وهذا من شأنه أن يمنحه ميزة في الانتخابات ، أو أن يشعل الحرب. لقد اختارالحرب '.

ومع ذلك ، ليس لدى القوميين الأكراد أي منظور لوقف إراقة الدماء. قال أحمد كراموس ، الرئيس المشارك للمؤتمر الوطني الكردستاني (KNK) ، 'ندعو الناتو والولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي إلى الوفاء بوعودهم واتفاقاتهم تجاه الشعب الكردي وعدم التزام الصمت'. إن مثل هذه المناشدات العاجزة لقوى الناتو التي تقودها الولايات المتحدة ، التي قتلت الملايين في الشرق الأوسط على مدى 30 عاما ً في حروب نهب ، تكشف إفلاس النزعة القومية الكردية.

يتطلب وقف الصراع في سوريا والعراق ومنع المزيد من التصعيد توحيد وتعبئة الطبقة العاملة الدولية في برنامج ثوري مستقل ضد الإمبريالية وجميع المتعاونين الرأسماليين المحليين. تعتبر دعوة الشباب والطلاب الدوليين من أجل المساواة الاجتماعية (IYSSE) لبناء حركة شبابية عالمية جماهيرية  بهدف وقف التصعيد المتهور نحو الحرب العالمية الثالثة ، التي ظهرت في اجتماعها عبر الإنترنت في 10 ديسمبر ، أمراً بالغ الأهمية في هذا النضال.

Loading