العربية

رسالة من الحرس الشاب للبلاشفة اللينينيين إلى اللجنة الدولية للأممية الرابعة

نُشر هذا المقال في الأصل باللغة الإنجليزية في 3 فبراير 2023فبراير 2023

تم إرسال الرسالة التالية من قبل ممثل الحرس الشبابي لللينينيين البلاشفة (YGBL) في روسيا إلى اللجنة الدولية للأممية الرابعة (ICFI). أعلنت YGBL دعمها السياسي للجنة الدولية للأممية الرابعة.

الرفاق الأعزاء ،

في الأسبوع الماضي ، حدث تطور مهم للغاية من شأنه أن يؤثر على الوضع الحالي للحرب بين أوكرانيا وروسيا المدعومة من الناتو. الوضع هو أن إمداد دول الناتو بالدبابات قد يغير مسار الحرب: من حرب غير مباشرة أو بالوكالة إلى صراع مباشر بين دول الناتو وروسيا. إن هذا التطور لا يستبعد استخدام الأسلحة النووية.

طوال فترة الحرب ، دأبت دول الناتو على توسيع مساعداتها لأوكرانيا باستمرار. إذا شملت المساعدات الحالية الدبابات ، فما الذي يمكن أن تشمله المساعدات المستقبلية؟ و كم من الوقت حتى تقرر دول الناتو إغلاق الأجواء فوق أوكرانيا بطائراتها المقاتلة؟ لدعم مباشر للاستيلاء على القرم وحتى توجيه ضربة نووية؟

على الرغم من أن وسائل الإعلام الغربية تحاول بشكل دوري إقناع القراء بأن الناتو لن يستخدم الأسلحة النووية أولاً ، إلا أن هذا لا ينفي بأي حال من الأحوال المسؤولية عن أن سياسة الناتو يمكن أن تؤدي إلى استخدام الأسلحة النووية من قبل نظام بوتين ، الذي يواجه خطر الانقلاب عليه.

تحاول وسائل الإعلام الغربية تقديم المجتمع الروسي على أنه بلد الهمج الذي يوحده عطش مخمور للسيطرة على أوكرانيا. أنا مضطر لدحض هذا الافتراء. يتألف المجتمع الروسي ، مثله مثل مجتمع دول الناتو ، من طبقتين متحاربتين رئيسيتين: العمال والرأسماليين. إنهما أبعد من أن تكون متجانستين كما تحاول وسائل الإعلام جعلها تبدو.

المثير للاهتمام ، أن وسائل الإعلام الموالية لروسيا توصلت إلى نفس الاستنتاجات التي توصلت إليها وسائل الإعلام الغربية . ولكن بالنسبة لهم ، تتحد كل روسيا في نضالها 'الوطني' ضد 'العولمة والليبرالية'. بهذه الطريقة ، يحاولون توطيد المجتمع الروسي ، الذي لم يتم توحيده.

أريد أن أوضح أن المجتمع الروسي منقسم بشأن الحرب. يوجد على الأقل العديد من الأشخاص الذين يريدون توقف الأعمال العدائية مماثل لعدد الأشخاص الذين يدعمون الأعمال العدائية في أوكرانيا. وهذا يستند إلى أرقام الحكومة في حد ذاتها. أما الأرقام الحقيقية فستظهر  معارضة أكبر لنظام بوتين ولهذه الحرب.

ومع ذلك ، حتى أولئك الذين يدعمون العمل العسكري بعيدون كل البعد عن الوحدة في دعمهم لنظام بوتين. فكثير من مؤيديها يفعلون ذلك على أساس أوهامهم بأن الحرب الحالية، في نظرهم، هي حرب ضد الإمبريالية وعالم أحادي القطب. لذلك ، فمع إنهم مدرون إلى حد ما للطبيعة الرجعية لنظام بوتين ، فهم لا يزالون يدعمون الحرب، لأنهم يعتقدون أن هذه هي الطريقة الوحيدة لمقاومة إمبريالية الناتو.

مما لا شك فيه ، أن دعم لنظام بوتين يتغذى من التهديد الحقيقي من الناتو ،الذي تشعر به قطاعات كبيرة من السكان. كل دعاية بوتين مبنية على خلط الحقيقة بالأكاذيب الصريحة. إنها تهدف إلى جعل العمال ، الذين يدركون خطورة الإمبريالية الغربية ، يعهدون بمكافحة هذه الإمبريالية إلى بوتين ، كما لو كان حامي مصالحهم.

وعندما يرى العمال عسكرة قوى الناتو في الخارج ، وخاصة ألمانيا بإرسالها دبابات ليوبارد إلى أوكرانيا ، فإنهم يدركون بشكل متزايد التهديد الحقيقي المتمثل في حرب شاملة مع الناتو بما في ذلك استخدام الأسلحة النووية. وبما أن وعي العمال الاشتراكي متخلف ، فإنهم لا يرون أي بدائل أخرى غير نظام بوتين.

يحاول نظام بوتين تعزيز هذه الوطنية ، التي يُفترض أنه 'لا بديل لها' ، باستخدام تجربة 'الحرب الوطنية العظمى' بين الاتحاد السوفيتي وألمانيا. لكن كجزء من هذا ، هناك دعاية حقيقية مناهضة للشيوعية إذ يحاول بوتين وضع إشارة مساوية بين النظام الحالي لاستعادة الرأسمالية والاتحاد السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية، وهي التي كانت لا تزال دولة عمالية ، رغم أنها دولة متدهورة. وهذا على الرغم من كراهيته العلنية لثورة أكتوبر والبلاشفة. فبالنسبة له ، فإن النقطة الأساسية هي 'تثقيف الجماهير' بروح الشوفينية الروسية العظمى.

من اللافت للنظر كيف تعمل الدعاية الروسية ضد أوكرانيا. استندت 'عملية بوتين الخاصة' بأكملها إلى مبدأين: 'نزع السلاح' و 'استئصال النازية'. يعمل المبدأ الثاني على التغطية على الأول ، على أساس عقد صفقة مع الإمبريالية. علاوة على ذلك ، انتهى الأمر بكلا المبدأين إلى التحول إلى نقيضهيما إذ اشتدت عسكرة أوكرانيا ، وعزز النازيون الجدد أماكنهم في الجهاز على خلفية الحرب ، وأزالوا قوى المعارضة.

إن كان بوتين يهتم بالنازيين الجدد ، الذين لديهم تأثير جاد في جهاز الدولة الأوكراني ، فهذا يعني فقط أنهم يخدمون مصالح الناتو ويدعمون الحملة المعادية لروسيا ، على الجبهتين الأيديولوجية والعسكرية. لكن إذا التزم النازيون الجدد بالحياد على الأقل ، سيقبل بوتين وجودهم. يجب ألا ننسى أن مثله الأعلى هو الفيلسوف الملكي الرجعي إيفان إيلين ، الذي أيد صعود هتلر إلى السلطة و 'حربه ضد البلشفية'.

ففي نهاية المطاف ، كل هذه الأوهام ، التي تغذيها دعاية بوتين ، ستكون تحت ضغط مستمر بينما تتلاشى مغامرة نظام بوتين وتظهر بشكل متزايد طبيعتها الرجعية.

يجب على كل عامل أن يفهم أنه من المستحيل هزيمة الإمبريالية القائمة على القومية البرجوازية. فالبرجوازية ، بالرغم من صداماتها الداخلية ، متحدة مع ذلك في مسألة أساسية واحدة: قمع نضالات الطبقة العاملة. هذا الفهم مفقود بشدة الآن.

المجتمع الروسي منقسم. فلدى الفقراء موقف أكثر سلبية تجاه الحرب من الأثرياء. تأثرت أعداد متزايدة من العائلات بالحرب. وعززت التعبئة التي حدثت في خريف عام 2022 الصلة بين الجبهة والطبقة العاملة. حتى لو لم يكن هناك نفور صريح من الحرب ، إذ يخشى الناس الانتقام من نظام بوتين ، فإن السخط آخذ في الانتشار. لا يفهم الكثير من الناس ببساطة ما سيحدث بعد ذلك وماذا يفعلون في مثل هذه الحالة.

إن إفلاس 'العملية الخاصة' لبوتين ، الذي تجلى بشكل جيد بهزائم القوات الروسية في خيرسون وبالقرب من خاركوف ، يغذي هذه المشاعر فقط. حتى في استطلاعات الرأي الرسمية الحكومية ، يعبر الكثير من الناس علانية عن آرائهم المناهضة للحرب. ولدى الطبقة العاملة الروسية روابط قرابة وفكرية وودية مع الطبقة العاملة الأوكرانية وهي تشعر بالاشمئزاز من هذه الحرب.

إن الوضع الحقيقي أقوى من أي دعاية. إن عمال روسيا المخدوعين والمستغلين يحرزون ببطء ، عبر التعرجات، تقدمًاً نحو فهم الحرب الحالية. إن وضعهم يغذي هذه الحركة إلى الأمام. لا تعرف الجماهير ما الذي يجب أن تفعل ، وتبحث عن طريقة معقولة للخروج من موقف مناف للعقل.

الشباب ، كما هو الحال دائماً ، هم الممثل الرئيسي للجناح المناهض للحرب في المجتمع الروسي. ولكن على الرغم من بعض التقدم ، لا يزال لدى جيل الشباب عدد من أوجه القصور. تجعل المعارضة المفرطة من  الشباب هدفاً جيدًا لدعاية دول الناتو. ومع ذلك ، حتى في ظل هذا الضغط من جميع الأطراف ، تنبثق بين الشباب  براعم حركة مستقبلية جماهيرية مناهضة للحرب تقوم على برنامج اشتراكي.

تحاول دعاية بوتين أيضًا الضغط على جيل الشباب إذ هدفت جميع أنشطة نظامه تهدف إلى تعزيز 'روح الوطنية' لدى الشباب.و أدت بداية 'العملية الخاصة' إلى تسريع هذه العمليات بسرعة لا تصدق. يعرف الجيل الأصغر عن الحرب العالمية الثانية ، لكن النظام يريد أن يقتصر معرفته على 'النضال ضد الفاشية' و 'من أجل الوطن الأم'. لطالما كان الجيل الأكبر سناً يغلي في مرج هذه الدعاية ، بينما تمتع الجيل الأصغر باستقلالية معينة.

لكن دعاية بوتين ، التي تناشد تجربة الحرب بين الاتحاد السوفياتي وألمانيا ، تفتح صندوق باندورا حقيقي. ينجذب الشباب إلى تاريخ القرن العشرين ؛ عناصرها الأكثر تقدمًا لا تريد أن تتبع منهجية الشوفينية الروسية ، بل تريد أن تفهم الأحداث التي تتجاوز الملاحظة السطحية. تؤدي المقارنة بين الفترات التاريخية في تطور الدولة إلى اتجاهات مثيرة للاهتمام.

لطالما كان موقف الجماهير عمومًا تجاه ثورة أكتوبر متناقضاً ، ولكن منذ عام 1991 كان هناك اتجاه إيجابي بشكل عام نحو دعم الثورة. ففي عام 2005 ، ألغى نظام بوتين يوم 7 نوفمبر باعتباره عطلة وأدخل عطلة جديدة، 4 نوفمبر ، 'يوم وحدة الشعب'. ومع ذلك ، ظل الاتجاه على حاله. يوجد حالياً عدد أكبر من الناس الذين لديهم موقف إيجابي تجاه ثورة أكتوبر أكثر من أي وقت آخر في تاريخ روسيا الحديثة.

بالنسبة للاتحاد السوفيتي ، كان للجيل الأكبر سناً على الدوام موقفاً إيجابياً تجاهه. الشباب لديهم موقف أكثر رصانة تجاه الاتحاد السوفياتي ، في محاولة لفهم تاريخه. فوفقاً لاستطلاع VTsIOM الأخير على شرف الذكرى المئوية للاتحاد السوفيتي ، يمكننا أن نرى أن واحداً من كل ثلاثة شبان تقريباً لديه موقف إيجابي تجاه الاتحاد السوفيتي. وهذا بعد كل الكومة الواسعة من الأكاذيب التي أُغرقت  بها الجماهير في السنوات التي أعقبت عودة الرأسمالية.

إن استعادة الرأسمالية في حد ذاتها مرتبطة بشكل أساسي بعواقب سلبية ، مع كوارث لعامة السكان. ولدى الشرائح الثرية من السكان فقط موقف أكثر إيجابية تجاه هذا الأمر ، مما برر الانتقال إلى الرأسمالية بالرغبة في 'الحرية الاقتصادية'. بشكل عام ، يمكننا ملاحظة آثار المشاعر الطبقية في رأي أو آخر: يتمتع العمال بأفضل موقف تجاه الثورة واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية ، في حين إن فئات البرجوازية لديها موقف سلبي تجاه كل شيء باستثناء استعادة الرأسمالية ، وهو ما منحها إياها 'الحق في الملكية'.

على الرغم من كل الاتجاهات الإيجابية التي أشرت إليها ، لا يزال المجتمع الروسي يعاني من الجهل وسوء فهم تاريخ بلده. إذا كانت لمشاعر العمال والشباب لها اتجاهات إيجابية معينة ، فإن عقولهم لا تزال تسمم من قبل العديد من الكليشيهات التي يطلقها الستالينيون ، وغورباتشوف ، ويلتسين ، وبوتين. وبسبب هذه الفوضى ، فإن الكثيرين مرتبكون ببساطة في فهمهم لثورة أكتوبر ، والاتحاد السوفيتي ، وعودة الرأسمالية. كما يساهم هذا أيضاً في تصور الحرب الحالية ، مما يؤدي إلى انقسام الطبقة العاملة.

إن إحدى العقبات الرئيسية أمام تطوير الوعي المناهض للحرب بين الطبقة العاملة والشباب الروس هي عدم وجود صوت اشتراكي وثوري حقيقي. فالبرلمانية الروسية ، الفاسدة حتى النخاع ، وهي لا تمثل بأي حال من الأحوال مصالح الغالبية العظمى من السكان. جميع الأحزاب الحالية ، من اليمين إلى اليسار ، منخرطة في سياسة إثارة الحرب ، مرددة صدى 'نظرائها الغربيين'. إنها تحاول بكل الطرق ضمان استقرار نظام بوتين في بيئة غير مستقرة للغاية.

من بين المعارضة غير الشرعية ، لا يمكن لأي من الأحزاب أو المنظمات أن تقدم برنامجاً ثورياً واضحاً للطبقة العاملة. وبدلاً من ذلك ، كل واحد منهم يربك فهم الوضع الحالي ويقسم الطبقة العاملة ويضعفها. فمن بين الجماعات والمنظمات 'الاشتراكية والشيوعية' المعارضة لنظام بوتين ، لا أحد يستطيع إعطاء برنامج واضح للطبقة العاملة.

الستالينيون والماويون والبابلويون وغيرهم ، كل هذه القوى السياسية لا تمثل حركة تقدمية تاريخية ضد الرأسمالية والحرب. لقد أظهرت كل واحدة من هذه القوى بالفعل خيانتها للطبقة العاملة.

الستالينيون هم الجناة الرئيسيون المسؤولون عن الوضع الحالي ، لأن الحرب هي إحدى النتائج طويلة المدى لاستعادة الرأسمالية في الاتحاد السوفياتي ، التي نفذت بمبادرة من البيروقراطية الستالينية. يدعم الوريث الرئيسي للحزب الشيوعي ، CPRF ، عمل بوتين العسكري في أوكرانيا.

يحاول الماويون إرباك الطبقة العاملة. فبالنسبة للبعض منهم ، يتم استبدال الصراع الطبقي بسياسات الهوية. بالنسبة للآخرين ، فإن عبادة ماو وحرب العصابات الخاصة به هي أعلى من فهم المجتمع الحديث والساحة الرئيسية حيث يدور الصراع بين الطبقة العاملة والبرجوازية ، وهي في المدن.

كان البابلويون هم الجناح الأيسر للستالينية ، لكنهم الآن مدافعون غير مباشرين عن الإمبريالية الأمريكية. فبعضهم مدافعون صريحون عن حكومة زيلينسكي البرجوازية الفاسدة. في حين يجلب آخرون البلبلة في فهم الحرب ، ويقللون من مخاطرها وعواقبها بكل طريقة ممكنة ، وبالتالي يغذون لأرضية للملاحظة السلبية بدلاً من التدخل على أساس برنامج ثوري. وتستند ممارستهم إلى إخضاع الطبقة العاملة لأحزاب برلمانية شرعية ، وعلى رأسها الحزب الشيوعي (KPRF).

تدعم الطبقة العاملة الروسية النضال ضد الحرب في دول الناتو بكل طريقة ممكنة. و يمكن أن يصبح هذا الدعم جسراً لتعزيز الوحدة الدولية للطبقة العاملة في روسيا وأوكرانيا وأوروبا وأمريكا وآسيا وأستراليا. في روسيا ، كما هو الحال في كل دولة رأسمالية ، توجد معارضة للحرب وسوف تتسع ، لكن هذه المعارضة لا يمكن أن تكتسب قوة حقيقية إلا على أساس برنامج علمي للأممية الاشتراكية.

نرى أن النضال الحقيقي لبناء وتوسيع اللجنة الدولية للأممية الرابعة كحزب عالمي للثورة الاشتراكية لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تثقيف الطبقة العاملة في كل بلد على أساس توضيح تاريخ ثورة أكتوبر ، والاتحاد السوفيتي واستعادة الرأسمالية ، وهو أمر مستحيل دون دراسة تاريخ نضال التروتسكية ضد الستالينية والبابلوية. هذا يعني أن أنشطتنا ، الموجهة نحو بناء قسم في روسيا وفي جميع أنحاء الاتحاد السوفيتي السابق ، تواجه سؤالاً مهماً للغاية: القضاء على كل الأوساخ الستالينية والبوتينية من وعي الطبقة العاملة وإدخال الوضوح الثوري فيه.

مع التحيات الثورية ،

أندريه ريتسكي

نيابة عن YGBL

Loading