العربية

محاسبة المسؤولين عن كارثة الزلزال! عارضوا الحملة المناهضة لسوريا والقمع البوليسي في تركيا!

نُشر هذا المقال في الأصل باللغة الإنجليزية في فبراير 13 2023

بعد الزلازل الهائلة التي ضربت جانبي الحدود التركية السورية قبل أسبوع ، اقترب العدد الرسمي للقتلى من 35 ألف شخص. يتضاءل الأمل  بنجاة عشرات الآلاف من الأشخاص الذين يُخشى  أنهم ما زالوا  تحت الأنقاض. 

أصبحت آلاف المباني غير صالحة للسكن ، وأصبح الملايين من الناس بلا مأوى. ولا تزال الخدمات الاجتماعية الأساسية غير متوفرة في العديد من الأماكن. هناك كارثة اجتماعية وأزمة إنسانية في البلدين تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على عشرات الملايين من الناس.

في تركيا ، أدى كل من الفشل في اتخاذ أي احتياطات أمنية ، على الرغم من حقيقة توقع حدوث زلزال كبير في المنطقة ، والفشل التام لعملية البحث والإنقاذ والإغاثة الرسمية ، إلى غضب اجتماعي هائل ضد حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان والنظام الرأسمالي ككل الذين أتاحوا المجال لحدوث هذه المجزرة الاجتماعية.

واحتج الأهالي على المحافظين والوزراء في أماكن كثيرة في المقاطعات العشرة المتضررة من الزلزال. في الآونة الأخيرة في ديار بكر ، تم اعتقال متظاهرين ضد وزير العدل بكير بوزداغ. ومع ذلك ، فإن الحكومة والطبقة الحاكمة بأكملها تدرك أن الغضب الاجتماعي متفجر وينتشر في جميع أنحاء المجتمع.

الطبقة الحاكمة تجلس على برميل بارود اجتماعي. فعلى الرغم من محاولات أردوغان إلقاء اللوم بخصوص كارثة الزلزال على 'القدر' ، فإن الجماهير تختلف مع هذه النزعة القدرية وفقدت الثقة في المؤسسة السياسية الرأسمالية. في تركيا ، حيث أدت سياسة 'دعها تنتشر' ضد جائحة COVID-19 إلى أكثر من 300000 حالة وفاة زائدة في ثلاث سنوات ، هناك شعور سائد بأنه كان من الممكن إنقاذ عشرات الآلاف من الأرواح التي فقدت في الزلزال لو تم اتخاذ الإجراءات الضرورية .

في ظل هذه الظروف ، يتم شن حملة إعلامية خطيرة ومضللة بتشجيع من فصيل من الطبقة الحاكمة. في المنطقة المتضررة من الزلزال ، يتعرض الأشخاص ، ولا سيما السوريون ، الذين لم تتم محاكمتهم أو إدانتهم بأي شكل من الأشكال للضرب على أنهم 'لصوص' أو 'سارقين' في أعمال تم تصويرها على شريط فيديو. هذه الأعمال الإجرامية ، التي يبدو أنه تورط فيها ضباط شرطة ، يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي لإضفاء الشرعية عليها.

تدعو جماعة المساواة الاشتراكية العمال والمثقفين والشباب إلى معارضة هذه الحملة الفاشية. قُتل ما لا يقل عن 30 ألف شخص وما زال عشرات الآلاف تحت الأنقاض في كارثة كان من الممكن تفادي عواقبها. من الواضح أن هناك حملة منسقة بعناية تهدف إلى جعل حوادث 'السرقة' المزعومة من قبل السوريين القضية الرئيسية وإضفاء الشرعية على عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء.

إن الغضب الشرعي لدى من فقدوا أحباءهم ومنازلهم في المنطقة المنكوبة ، وملايين الأشخاص الذين يشاركونهم أحزانهم ، دفنته التقارير الإخبارية الكاذبة. وكالعادة ، فإن هذه التقارير تعدُ أضعف أفراد المجتمع  كبش فداء.

تعمل هذه الحملة اليمينية على إخفاء ،  المسؤولية الواضحة للحكومة والطبقة الحاكمة عن هذه الوفيات الجماعية التي يمكن تجنبها بل وحتى تبرئتها منها .

في الواقع ، حدد تقرير وزارة البيئة والتحضر وتغير المناخ الصادر في الفترة من يناير إلى يونيو 2022 ،  المباني التي ستنهار في مثل هذا الزلزال واحدة تلو الأخرى . كشفت تقارير رئاسة إدارة الكوارث والطوارئ (AFAD) أن الدولة غير مستعدة للزلازل الكبيرة. كان معروفاً أن 'قرارات العفو عن مخالفات البناء' التي قدمتها الحكومة إلى البرلمان ، والتي لم تعارضها أحزاب المعارضة البرجوازية ، مهدت الطريق لهذا الدمار والقتل الجماعي.

ففي ظل هذه الظروف ، في حين يجب أن يواجه المسؤولون في المؤسسة السياسية والدولة المحاكمة بتهمة القتل الجماعي ، لم يتم القبض على أي مسؤول حتى الآن. ففي الأماكن التي يُتوقع فيها وقوع زلازل كبيرة ، لا سيما في إسطنبول ، لا يزال هناك شيء يجب القيام به. في الواقع ، يجب اتخاذ إجراءات رسمية فورية لبناء مباني ومدن مقاومة للزلازل لمنع الكوارث الاجتماعية الأكبر.

وقد اشتدت هذه الحملة الإعلامية الفاشية منذ أن اتخذت الحكومة ما يسمى بحوادث 'النهب' ، والتي سبق لها أن وصفتها بـ 'المنعزلة' ، بوصفها أحد مبررات إعلان حالة الطوارئ. قال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية التابع لأردوغان عمر جيليك يوم الجمعة: 'سنكون صارمين  للغاية في مواجهة حوادث النهب. سنجعلهم يعيشون مع هذا العار لبقية حياتهم '.

كان حزب الظفر (الظافر) ، المنشق عن حزب الصلاح اليميني المتطرف ، بارزاً بشكل خاص في حملة الكذب المناهضة لسوريا. حزب الصلاح هو الحليف الرئيسي لحزب الشعب الجمهوري الكمالي في تحالف الأمة.

استهدف زعيم حزب الظفر أوميت أوزداغ السوريين بعد الزلزال ، وقدم العديد من الادعاءات الكاذبة على حسابه على تويتر. وعلى الرغم من دحض كل من الادعاءات ، إلا أنه واصل أكاذيبه دون خوف من أي عقوبة قانونية.

يحاول هذا الحزب صرف الغضب الاجتماعي الهائل الذي نشأ بعد الزلزال وتقسيم الطبقة العاملة باللجوء البغيض إلى الشوفينية المعادية لسوريا.

لم تبدأ الحملات المناهضة للاجئين في تركيا بعد كارثة الزلزال. إن ملايين السوريين الذين فروا من الدمار والموت الذي سببته الحرب من أجل تغيير النظام في سوريا التي أطلقتها قوى الناتو ، بما في ذلك تركيا ، في عام 2011 ، ظلوا، على مدى سنوات، كبش فداء من قبل المؤسسة السياسية بأكملها ، وخاصة أحزاب المعارضة البرجوازية . لقد تضرر ضحايا جرائم القوى الإمبريالية والبرجوازية التركية بشدة من الزلزال على جانبي الحدود.

في سوريا ، لم يشهد الناس فقط تدمير منازلهم بسبب الزلازل في البلاد التي مزقتها الحرب .أدت العقوبات الشديدة التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى تفاقم الوضع ، بينما غضت القوى الإمبريالية الطرف عن الكارثة في سوريا.

حوصر العديد من السوريين الذين يعيشون في منطقة الزلزال في تركيا تحت الأنقاض. وواجه الناجون التمييز في تقديم المساعدات ، مثل الخيام والطعام ، بسبب حملة شوفينية طويلة الأمد في البلاد. ويتم الآن استهدافهم على أنهم لصوص ولصوص.

إن محاولة تجريد الناس من حقهم في المحاكمة وتعريضهم لهجمات الغوغاء الهمجية هو تحذير خطير للطبقة العاملة. هذا العنف الفاشي ، الذي يستهدف اليوم الفئات الأكثر ضعفا ، أي السوريين ، يمكن أن يوجه غدا ضد العمال والأشخاص المشاركين في أنشطة إغاثة ضحايا الزلزال في المنطقة. هذا العنف ، كما يظهر التاريخ بوضوح ، هو تهديد للحركة الناشئة للطبقة العاملة.

في الواقع ، انزعجت الطبقة الحاكمة والمؤسسة السياسية من أن عجز الدولة قد انكشف في أعين الجماهير بعد الزلزال من جانب ، و انزعجت بشكل أشد من أن ملايين العمال والشباب استجابوا بشكل عفوي للكارثة بشكل كبير ناحية أخرى.

فمنذ يوم الاثنين الماضي ، حشد عشرات الملايين من الناس في جميع أنحاء البلاد وحول العالم لمساعدة أولئك الذين يعيشون في المنطقة المتضررة في عمل تضامني هام. سافر الكثير من الناس إلى المنطقة طواعية. إنهم يحاولون مساعدة عمال البحث والإنقاذ وضحايا الزلزال في الأماكن التي لا تستطيع فيها الدولة توفير الاحتياجات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والمأوى والصرف الصحي والأمن.

من الممكن بناء مدن مقاومة للزلازل ومنع الكوارث الطبيعية من التحول إلى مجازر جماعية. من أجل هذا ، يجب أن يكون الحشد الهائل للجماهير وغضبها مسلحاً ببرنامج اشتراكي ، وأن يكون واعياً ومعبئاً ضد النظام الرأسمالي ، الذي هو السبب الرئيسي لهذه الكارثة. الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي من خلال الوحدة الدولية والاستقلال السياسي للطبقة العاملة.

Loading