العربية

بعد استفزازات حرق القرآن ، تصاعدت التوترات بين تركيا والناتو وسط الحرب على روسيا

تم نشر هذه المقالة في الأصل باللغة الإنجليزية في 3  فبراير 2023

علقت أنقرة محادثات الانضمام إلى الناتو مع السويد وفنلندا بعد أن أحرق سياسي يميني متطرف نسخاً من القرآن، وهو كتاب مقدس في الإسلام ، في السويد والدنمارك في أواخر يناير.

مع تصعيد الناتو للحرب ضد روسيا في أوكرانيا بتسليم دبابات القتال إلى أوكرانيا ، أصدرت الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وهولندا والمملكة المتحدة وكندا بيانات متتالية حذرت مواطنيها من احتمال وقوع 'هجوم إرهابي' في تركيا بسبب استفزاز حرق القرآن.

قال الرئيس التركي ، رجب طيب أردوغان ، يوم الأربعاء: طالما تسامحت  [السويد] تسمح مع حرق القرآن ، فلن نقول' نعم 'لانضمامك إلى الناتو'. وأضاف: 'وجهة نظرنا بشأن فنلندا إيجابية ، ولكن ليس بشأن السويد'.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يوم الثلاثاء 'ليس من الممكن أن نقول نعم لعضوية السويد في الناتو في الوقت الحالي'.

وأفادت وكالة الأناضول التركية المملوكة للدولة في مؤتمر صحفي مشترك للوزير مع نظيره الإستوني ، الأربعاء ، أن حكومته تعتبر أن هناك 'تهديدان لحلف شمال الأطلسي' على شكل 'روسيا والإرهاب'. وأضاف: 'نحن ، بالطبع ، نتفهم المخاوف المشروعة لإستونيا والبلدان الأخرى المرشحة (فنلندا والسويد) ، ولكن من ناحية أخرى ، من المشروع بنفس القدر أن نتوقع من حلفائنا فهم المخاوف الأمنية لتركيا وغيرها من البلدان.'

أكد جاويش أوغلو مجدداً دعم حكومته لـ 'سياسة الباب المفتوح' التي يتبعها الناتو ، 'بالطبع نحن نعارض الحرب [في أوكرانيا]و نواصل دعم أوكرانيا. و تبذل تركيا أيضاً جهوداً مهمة للغاية لإنهاء هذه الحرب '. وأضاف أن موقف أنقرة هو ضمان 'وحدة أراضي' أوكرانيا من خلال 'طاولة المفاوضات'.

وفي مقابلة مع راديو سبوتنيك ، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا يوم الأربعاء إن التوترات مع تركيا بشأن السويد وعضوية فنلندا في الناتو 'تظهر درجة عدم الثقة داخل الحلف وبين الدول الغربية بشكل عام'.

قررت فنلندا والسويد الانضمام إلى الناتو في مايو الماضي ، في خضم الحرب التي قادتها الولايات المتحدة ضد روسيا في أوكرانيا. ومع ذلك ، أعلنت حكومة أردوغان معارضتها لانضمامهما ، مهددة باستخدام حق النقض (الفيتو). إذ إنه يُشترط التصويت بالإجماع من قبل جميع الدول الثلاثين الأعضاء كي ينضم أي بلد إلى الناتو.

وسط تصعيد واشنطن للحرب ضد روسيا ، دعت فصائل مهمة من المؤسسة السياسية الأمريكية إلى الرد على تهديد تركيا باستخدام حق النقض ضد قبول عضوية السويد و فنلندا في الناتو من خلال عدم تزويد الجيش التركي بطائرات إف -16.

ففي نهاية شهر يونيو ، التقى الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ ، والرئيس الفنلندي سولي نينيستو ، ورئيس الوزراء السويدي ماجدالينا أندرسون وأردوغان ، وتبع ذلك توقيع مذكرة من قبل وزيري خارجيتهما.

وفي مقابل التزام السويد وفنلندا بتنفيذ مطالب أنقرة ، فلن تلجأ إلى حق النقض (الفيتو) على عضويتهما في الناتو. وتطالب أنقرة السويد وفنلندا بـ 'التوقف عن دعم' وحدات حماية الشعب الكردية القومية (YPG) في سوريا وحزب العمال الكردستاني (PKK) ، إذ تعد تركيا كلاهما 'مجموعات إرهابية'.

كما تعهدت السويد وفنلندا برفع حظر الأسلحة المفروض على تركيا بعد عمليتها العسكرية ضد وحدات حماية الشعب في سوريا في عام 2019. وتعهدتا أيضًاً بمعالجة 'طلبات طرد أو تسليم تركيا للمشتبه بهم بالإرهاب على الفور وبجميع أبعادها'. ويُزعم أن من بين هؤلاء أنصار الداعية الإسلامي فتح الله غولن ، الذي تزعم أنقرة أنه قاد الضباط الانقلابيين في الانقلاب الفاشل عام 2016 ضد حكومة أردوغان. ومع ذلك ، أدت التطورات الأخيرة إلى انهيار المحادثات الثلاثية.

في 11 كانون الثاني (يناير) ، علقت الجماعات القومية الكردية في العاصمة السويدية ستوكهولم ، دمية  على شكل أردوغان من قدميه على عمود أمام قاعة المدينة التاريخية. و في 21 كانون الثاني (يناير) ، أحرق المتطرف  اليميني المتطرف الدنماركي المعادي للإسلام والمهاجر  راسموس بالودان مصحفاً أمام السفارة التركية في ستوكهولم.

بعد هذه الاستفزازات ، أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إلغاء زيارة وزير الدفاع السويدي بال جونسون إلى تركيا. ثم أعلنت أنقرة أن المحادثات الثلاثية المقرر عقدها في بروكسل في فبراير قد تم تعليقها 'إلى أجل غير مسمى'.

تلجأ حكومة أردوغان، إلى حد ما، إلى الشعبوية والقومية لمحاولة تهدئة التوترات الاجتماعية وتجديد دعمها قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو.

ومع ذلك ، فإن التوترات بين أنقرة وحلفائها في الناتو ذات جذور أعمق بكثير من الأجندة الانتخابية المباشرة. فعلى الرغم من أنها جزء من حلف الناتو ، فإن البرجوازية التركية ، التي تتمتع بعلاقات اقتصادية وعسكرية قوية مع روسيا ، تعتقد أن أهداف الولايات المتحدة والناتو في الحرب ضد روسيا ستضر أيضاً بمصالحها الخاصة. بالإضافة إلى ذلك ، ينظر إلى تحالف الولايات المتحدة مع القوى القومية الكردية في سوريا على أنه غير مقبول من قبل أنقرة.

ونظراً لأن أردوغان أعلن بالفعل عن خطط جيشه لغزو سوريا ، فإن محاولة تركيا شن عملية عسكرية برية شاملة لمنع ظهور جيب كردي بقيادة وحدات حماية الشعب على الحدود الجنوبية لتركيا يحمل في طياته خطر المواجهة بين عضوين في  الناتو هما الولايات المتحدة وتركيا. علاوة على ذلك ، فإن وجود القوات الروسية والإيرانية والسورية في المنطقة يمكن أن يحول مثل هذا التدخل العسكري إلى حرب كبرى.

كما اندلعت صراعات جيوسياسية حرجة أخرى تتعلق بعلاقات أنقرة مع روسيا والقوة المتنامية لوحدات حماية الشعب في سوريا ، طهرت صراعات على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة التي دعمها حلف شمال الأطلسي ضد حكومة أردوغان في عام 2016. وبعيداً عن الحل، لم تتعمق الا هذه الصراعات.

أدت الحرب بين الولايات المتحدة والناتو ضد روسيا إلى تصعيد الصراعات التاريخية بين اليونان وتركيا في شرق البحر المتوسط ​​وبحر إيجة. وينظر إلى استخدام حلف شمال الأطلسي لليونان وتعزيزه كمركز لإعادة الشحن في الحرب ضد روسيا على أنه تهديد من قبل أنقرة.

أدى قرار تركيا إغلاق مضيق الدردنيل واسطنبول من بحر إيجة إلى البحر الأسود أمام جميع السفن الحربية فور الغزو الروسي لأوكرانيا على أساس اتفاقية مونترو إلى زيادة الأهمية اللوجستية والإقليمية لليونان. لذا  فقد تضطر أنقرة إلى اتخاذ قرار حاسم إذا أرادت قوى الناتو نقل سفنها الحربية إلى البحر الأسود لمواجهة روسيا.

تؤكد هذه التطورات حقيقة أن حرب الناتو ضد روسيا قد أغرقت مناطق حساسة مثل الشرق الأوسط والبحر الأسود وشرق البحر الأبيض المتوسط ​​في نزاع جيوسياسي متعمق. ولا يمكن إيقاف الكارثة إلا من خلال توحيد العمال في تركيا والمنطقة وحول العالم في حركة دولية واشتراكية ضد الحرب.

Loading