العربية

الملاحق

ملحق 1

رسالة إلى صفحة مراجعة الكتب في صحيفة نيويورك تايمز
اختارت مجلة عدم نشر الإذن التالي الموجه إلى محرر قسم مراجعة الكتاب.
26 مارس 1996

سيدي العزيز:

أدى اختيار ريتشارد بايبس لمراجعة كتاب  سيرة ليون تروتسكي للراحل دميتري فولكوجونوف إلى منع أي تمحيص  نقدي لهذا الكتاب في صفحات صحيفة نيويورك تايمز. فبصفته مؤلفاً للعديد من الأعمال المغرضة عن الثورة الروسية ، التي أخضع فيها المعالجة الصادقة للحقائق لهواجسه الأيديولوجية اليمينية ، يصعب توقع أن يثير البروفيسور بايبس قضية ذات نزعة مماثلة في كتابات الجنرال فولكوجونوف. ومع ذلك ، فإن بايبس لم يغفل فقط الأخطاء الوقائعية التي لا تعد ولا تحصى التي ارتكبها المراجعون الأكثر دقة لكتاب فولكوجونوف  حيث ذكرتنا بالهجمات التي شنها على تروتسكي  خصومه الستالينيون منذ العقد الثاني من القرن الماضي ، حيث وصفه بايبس بأنه 'عبثي بشكل مفرط ، متعجرف ، وقح في كثير من الأحيان' و 'غير قادر على نوع العمل الجماعي المؤسساتي المنضبط الذي تطلبه الحزب البلشفي من أعضائه '. تم تصوير تروتسكي بهذه الطريقة في عدد لا يحصى من المنشورات السوفيتية من قبل نظام مصمم على محو كل ذكريات شعبية عن رجل كان المنظم الرئيسي لثورة أكتوبر ،و زعيم جماهيري لا مثيل له ، ومؤسس وقائد الجيش الأحمر، تميز المشاركون في الحدثين  بسمعة أسطورية في العمل المنضبط. يجب أن يتساءل المرء لماذا يعيد بايبس تدوير هذه الهجمات من النمط الستاليني على شخصية تروتسكي. بعد كل شيء ، ما دار في أذهان الستالينيين لما أشاروا إلى 'غرور' تروتسكي وعدائه لـ 'العمل الجماعي' كان رفضه الثابت لإخضاع مبادئه الثورية لمطالب البيروقراطية الحاكمة. 

لماذا يجد بايبس هذا النوع من عدم المرونة غير جذاب؟

ثم شرع بايبس في تحريف الحقائق التاريخية. بالإشارة إلى موقف لينين تجاه تروتسكي ، حيث أكد بايبس أنه بخس تقدير 'قدراته السياسية والإدارية '. يتناقض هذا الادعاء مع شهادة لينين السياسية المعروفة في ديسمبر 1922 ، والتي كتب فيها أن تروتسكي 'يتميز ليس فقط بقدرات بارزة بل ربما كان شخصياً هو الرجل الأكثر قدرة في اللجنة المركزية الحالية '.

من الغريب أن بايبس كتب بتعاطف إلى حد ما عن ستالين ، الذي أشار إليه على أنه 'تلميذ لينين الحقيقي وخليفته الشرعي'. حقاً؟ كان هذا الوصف سيسعد ستالين ، الذي أصر على أن يُدعى 'لينين عصرنا'. في محاولة لإدامة هذه النسخة الفجة من الخضوع الرسولي من لينين إلى ستالين ، تمكن مؤرخ هارفارد من التغاضي عن الحقيقة المعروفة المتمثلة في أن الوصية السياسية المذكورة أعلاه تضمنت أيضاً نداءً محدداً من لينين لإبعاد ستالين عن منصب  الأمين العام. ففي الواقع ، كما يجب أن يتذكر أستاذ التاريخ ، كان من بين آخر الإجراءات التي اتخذها لينين ، قبل أن يعاني من السكتة الدماغية التي أنهت حياته السياسية ، إملاء خطاب هدد فيه الزعيم السوفيتي بقطع جميع العلاقات الشخصية مع ستالين.

الأسوأ من هذه التحريفات للحقائق التاريخية هو تأييد البروفيسور بايبس القاطع للكذبة التي شكلت أساس محاكمات موسكو والإرهاب المرتبط بها في أواخر العقد الثالث من القرن العشرين حيث  كتب بايبس: 'تروتسكي وليف سيدوف ، ابنه ، كثيراً ما قالا وكتبا أنه يجب الإطاحة بنظام ستالين كما يجب اغتيال ستالين نفسه'.

من المعروف ، بالطبع ، أن تروتسكي دعا علانية إلى ثورة سياسية في الاتحاد السوفيتي. لكنها كذبة صارخة وبغيضة ، فقدت مصداقيتها على مدى عقود ، حقيقة أن تروتسكي وابنه دافعا ، علناً أو سراً ، عن اغتيال ستالين. هذه ليست قضية صغيرة. إن الاتهام بأن تروتسكي وابنه خططا لاغتيال ستالين وغيره من قادة الاتحاد السوفياتي قد وفر الذريعة القانونية لمحاكمات موسكو في 1936-1938 والإبادة الجسدية لمئات الآلاف من الاشتراكيين في الاتحاد السوفيتي. ففي سبتمبر 1937 ، أصدرت لجنة التحقيق التي تم تشكيلها ، برئاسة الفيلسوف جون ديوي ، للتحقيق بشكل مستقل في الاتهامات التي وجهها النظام الستاليني ضد ليون تروتسكي و في ما يتعلق بالسؤال الحاسم حول ما إذا كان تروتسكي قد خطط لاغتيال ستالين ، خلصت اللجنة إلى: 'وجدنا أن تروتسكي طوال حياته المهنية كان دائماً معارضاً ثابتاً للإرهاب الفردي. ووجدت اللجنة كذلك أن تروتسكي لم يأمر أبداً أياً من المتهمين أو الشهود في محاكمات موسكو باغتيال أي معارض سياسي'.

على المستوى الأخلاقي البحت ، من غير المألوف أن يعطي مؤرخ بارز مصداقية لكذبة تم استخدامها لتبرير قتل مئات الآلاف من الناس. لكن الأمر يتعلق هنا أكثر من الموقف المتهور تجاه الحقائق. السؤال الذي يجب الإجابة عليه هو: لماذا يعتمد البروفيسور بايبس في تعامله مع المعارضين الاشتراكيين للنظام الستاليني ، وخاصة تروتسكي ، على الأكاذيب والمعلومات المضللة التي روجها الكرملين على مدى عقود؟ اسمحوا لي أن أقترح أن دافعه هو  الأجندة الأيديولوجية والسياسية اليمينية التي تحرك مقاربته للتاريخ. لقد لاحظ المعارضون الاشتراكيون للستالينية بشكل متكرر المصادفة الغريبة بين النسخة الستالينية للتاريخ السوفيتي والنسخة التي سوقها إيديولوجيو الحرب الباردة في الغرب. كلاهما انطلق من الهوية المفترضة للماركسية وسياسات النظام السوفياتي بعد لينين.

هذا التعريف للستالينية والماركسية هو الأساس البديهي لتفسير بايبس للتاريخ السوفيتي. وهي مواقف عقدت العزم على إثبات أن جميع الجرائم التي ارتكبها النظام الستاليني انبثقت بالضرورة وبشكل لا مفر منه من ثورة أكتوبر نفسها ، لا يمكن أن يسمح بايبس بوجود بديل ماركسي للستالينية. وبالتالي ، من الضروري أن يصر على الاستمرارية السياسية الجوهرية بين لينين وستالين ، وتصوير المعارضين الماركسيين لستالين ، و تروتسكي في المقام الأول ، على أنهم ليسوا أقل قسوة وظلمًا من طاغية الكرملين. بما أن هذا التفسير للتاريخ لا يمكن أن يستمر من خلال عرض صادق للحقائق ، يجب على الأستاذ بايبس أن يلجأ إلى الأكاذيب. ولا حاجة له لابتكار أخرى جديدة. يأخذ بايبس فقط ما يطلبه من أرشيفات الستالينية ، التي تشكل مصدراً لا ينضب للأكاذيب والافتراءات المعادية للماركسية.

مع خالص التقدير ، ديفيد نورث السكرتير القومي لحزب المساواة الاشتراكية.

ملحق رقم 2

مراسلات مع ريتشارد بايبس

من دافيد نورث إلى ريتشارد بايبس 
مارس 27/ 1996

البروفسور العزيز بايبس:

في مراجعتكم لسيرة حياة ليون تروتسكي الذي كتبه الجنرال الراحل ديمتري فولكوغنوف، التي ظهرت في نسخة 24 مارس في صفحة مراجعة الكتب في النيويورك تايمز كتبتم ما يلي : ' لطالما ردد وكتب تروتسكي وليف سيدوف ابنه وأقرب معاونيه أنه يجب الإطاحة بنظام ستالين وقتل ستالين بالتحديد..'

يتضمن هذا التصريح خطأ فادحاً وجدياً. صحيح إن تروتسكي دافع عن الإطاحة بالنظام الستاليني عبر ثورة سياسية، لكنه لم يدعٌ أبداً لا علانية ولا في المجالس الخاصة لاغتيال ستالين.

تعرفون، بوصفكم مؤرخاً أن فكرة أن تروتسكي أراد قتل ستالين استخدمت مبرراً قانونياً في محاكمات موسكو 1936- 1938 وحجة لتصفية مئات آلاف الاشتراكيين في الاتحاد السوفيتي . وقد تم الإقرار منذ وقت طويل بأن كل الاتهامات بنشاطات إرهابية كشفها النظام الستاليني ووجهها ضد تروتسكي  وأنصاره كانت من إعداد الغيبو، وأن محاكمات موسكو كانت ملفقة. 

إن لجنة التحقيق المستقلة التي شٌكلت في 1937 تحت رئاسة جون ديوي ردت تهمة أن القائد البلشفي السابق تآمر لاغتيال ستالين. وكتبت اللجنة :' وجدنا أن تروتسكي على مدى مسيرته كان معارضاً ثابتاً للإرهاب الفردي.

كما خلصت اللجنة إلى  أن تروتسكي لم يأمر أبداً أياً من المدافعين أو الشهود في محاكمات موسكو باغتيال أي معارض سياسي '. وفي الآونة الأخيرة ، في عام 1988 ، أعلنت المحكمة العليا للاتحاد السوفيتي أخيراً أن جميع المتهمين في محاكمات موسكو أبرياء من الجرائم التي اتهموا بارتكابها.

أولئك الذين هم على دراية بكتاباتك التاريخية يعرفون عن معارضتك الأيديولوجية الشديدة لثورة أكتوبر 1917 وخاصة الكراهية المريرة لليون تروتسكي بسبب الدور القيادي الذي لعبه في ذلك الحدث. لك الحق بإبداء رأيك ومع ذلك ، لا يحق لك تزوير السجل التاريخي. ومن المفارقات ، أستاذ بايبس ، أنه في حماستك لتشويه سمعة تروتسكي ، أنك مضطر للاعتماد على الأكاذيب ذاتها التي استخدمها ستالين لتبرير القتل الجماعي لخصومه السياسيين الاشتراكيين.

إذا كنت مستعداً للوقوف إلى جانب ادعائك بأن تروتسكي دعا إلى اغتيال ستالين ، وبالتالي توفير شرعية متأخرة لمحاكمات موسكو وعمليات التطهير المرتبطة بها ، فعليك أن تنشر الوثائق التاريخية التي تدعم هذا الموقف. ومع ذلك ، إذا كنت غير قادر على تقديم مثل هذه المستندات ، فأنت تتحمل مسؤولية مهنية وأخلاقية للتراجع علناً عن البيان الكاذب الذي كتبته في صحيفة نيويورك تايمز.

مع خالص التقدير ، ديفيد نورث السكرتير الوطني لحزب المساواة الاشتراكية

من ديفيد نورث إلى ريتشارد بايبس
13 مايو 1996

عزيزي الأستاذ بايبس:

في خطاب بتاريخ 27 مارس 1996 ، لفتت انتباهكم إلى خطأ فادح في الوقائع ظهر في مراجعتك لصحيفة نيويورك تايمز لسيرة حياة الجنرال الراحل دميتري فولكوجونوف عن ليون تروتسكي. حيث ادعيت أن 'تروتسكي وليف سيدوف ، نجله وأقرب مساعديه ، كثيراً ما قالا وكتبا أنه يجب الإطاحة بنظام ستالين واغتيال ستالين نفسه'.

كما أوضحت رسالتي ، فإن الادعاء بأن تروتسكي وابنه اختارا اغتيال ستالين وحرضا على لك كان ذريعة ملفقة في محاكمات موسكو في 1936-1938 والإرهاب الجماعي المرتبط بها الذي أدى إلى مقتل مئات الآلاف من المعارضين الاشتراكيين لنظام الحزب الشمولي. وابتداءً من لجنة ديوي عام 1937 وانتهاءً بالرفض الرسمي للمحاكمات التي أجرتها الحكومة السوفيتية في أواخر العقد الثامن من القرن العشرين  ، تم الكشف بشكل شامل عن أن اتهامات مؤامرات الاغتيال الإرهابية التي عُرضت في محاكمات موسكو كانت  افتراءات إجرامية.

وفي ختام رسالتي في 27 مارس ، أضع أمامك التحدي التالي: 'إذا كنت مستعداً للوقوف إلى جانب ادعائك بأن تروتسكي دعا إلى اغتيال ستالين ، وبالتالي توفير شرعية متأخرة لمحاكمات موسكو وعمليات التطهير المرتبطة بها ، إذن يجب عليك نشر الوثائق التاريخية التي تدعم هذا الموقف. ومع ذلك ، إذا كنت غير قادر على تقديم مثل هذه المستندات ، فعندئذ يكون لديك مسؤولية مهنية وأخلاقية لسحب البيان الكاذب الذي كتبته في صحيفة نيويورك تايمز علانية. '

لقد مرت ستة أسابيع تقريباً دون رد. آمل ألا يعني هذا التأخير أنك تنوي تجاهل الأمر. أنا أحثكم مرة أخرى على تصحيح السجل التاريخي وسحب البيان.

مع خالص التقدير ، ديفيد نورث السكرتير الوطني لحزب المساواة الاشتراكية.

من ريتشارد بايبس إلى ديفيد نورث.
20 مايو 1996

عزيزي السيد نورث:

لم أجب على رسالتك المؤرخة في 27 مارس / آذار لأنني وجدتها مسيئة. سأرد على رسالتكم المؤرخة في 13 مايو لأنها تلبي المعايير العامة للكياسة.

إذا كنت قد تحملت عناء النظر في سيرة فولكوجونوف ، موضوع مراجعتي ، بدلاً من الاستفزاز ضدي وضد تصريحاتي المتعلقة بتروتسكي ، لكنت وجدت أن سيدوف قال لأحد مخبري  ستالين من عملاء الشرطة السرية بأنه يجب قتل ستالين (انظر ص 378 - 79). من المحتمل أن يكون العميل المذكور ، زبوروفسكي، هو من اختلق التهديد لكن الشيء المهم هو أن مثل هذه المشاعر انتقلت إلى موسكو وأخذت على ما يبدو في ظاهرها.

ثانياً ، كما اعترفت أنت بنفسك ، فقد حث تروتسكي وسيدوف مراراً وتكراراً على الإطاحة بنظام ستالين. الآن هل يمكنك حقاً أن تتخيل الإطاحة بالديكتاتورية الشمولية بأي طريقة أخرى إلا بقتل زعيمها؟ هل تعتقد أن ستالين، الذي يواجه الهزيمة، كان سيستقيل بلطف ويتقاعد؟ وكما لاحظ فولكوجونوف: 'كانت الدعوة إلى الثورة بمثابة الدعوة إلى انقلاب'. (ص 370) من وجهة نظر الديكتاتور ، فإن الدعوة إلى 'تصفية' نظامه هي بمثابة دعوة إلى 'تصفيته' الشخصية.

لم أشر في أي مكان إلى أن التهم الموجهة إلى زينوفييف وكامينيف وبوخارين والآخرين كانت صحيحة تماماً بل كانت محض افتراءات. ما قلته هو أن تهم 'التروتسكية' كانت إلى حد ما مستوحاة من التهديدات غير المسؤولة التي وجهها تروتسكي وابنه قد خدما الأغراض الستالينية.

المخلص ، ريتشارد بايبس

من ديفيد نورث إلى ريتشارد بايبس
16 يونيو 1996

عزيزي الأستاذ بايبس:

شكراً لك على رسالتك المؤرخة في 20 مايو. يؤسفني أنك وجدت رسالتي المؤرخة في 27 مارس 'مسيئة'. لقد أعدت قراءة تلك الرسالة ولا يمكنني قبول ادعائك بأنها لا ترقى إلى مستوى 'المعايير العامة للكياسة'. لكن دعنا نضع هذا الأمر جانباً ونركز ، بدلاً من ذلك ، على القضية التاريخية المهمة التي هي موضوع اختلافنا ، أي ، كما زعمت في مراجعتك لسيرة ديمتري فولكوجونوف ، أن 'تروتسكي وليف سيدوف ، ابنه و أقرب مساعديه ، كثيراً ما قالا وكتبا أنه يجب الإطاحة بنظام ستالين واغتيال ستالين نفسه '.

إن القضية هنا ليست مسألة تفسير بل وقائع. لقد هاجمت هذا البيان لأنه غير صحيح. أشرت إلى أنه لا يوجد دليل تاريخي يدعم الادعاء أن  تروتسكي وابنه طالبا بذلك ، ناهيك عن تآمرهما سراً لاغتيال ستالين. بدلاً من ذلك ، لا جدال في حقيقة أن ستالين لفّق حكايات عن مؤامرات 'تروتسكي' لتبرير محاكمات موسكو الشائنة في 1936-1938 وتبرير التصفية الجسدية للمعارضة الاشتراكية لنظامه الشمولي.

ردك على انتقاداتي مشوش وغير متسق داخلياً. أولاً ، أنت جادلت بأن بيانك استند إلى المعلومات التي قدمها فولكوجونوف. بالإشارة إلى أنني فشلت في قراءة كتاب فولكوجونوف بعناية كافية، فإنك تلفت الانتباه إلى استشهاده بتقرير من قبل عميل الاستخبارات السوفيتية، مارك زبوروفسكي ، ادعى فيه الأخير أن سيدوف أخبره أنه يجب قتل ستالين.

دعني أؤكد لك أنني درست هذا الفصل من سيرة فولكوجونوف بعناية خاصة ، وأنه يتعارض مع تأكيدك القاطع بأن تروتسكي وابنه فضلا اغتيال ستالين وطالبا بذلك.و بعيداً عن قبول مصداقية تقرير زبوروفسكي ، رأى فولكوجونوف أنه من الممكن أن يكون 'التقرير ملفقاًو مصمماً لإثارة حجج الادعاء في المحاكمة القادمة'(ص 379). في فقرة أخرى ، نقلاً عن تقرير مماثل من زوبروفسكي  ، علق فولكوجونوف بأنه  'ربما يكون قد من اختلاق أجهزة الاستخبارات السوفيتية لاستخدامها إذا تقرر استدعاء زوبروفسكي إلى موسكو لمحاكمته وتصفيته. ولا يمكن استبعاد احتمال أن يكون زوبروفسكي محض خيال '(ص 380).

من الواضح أن فولكوجونوف نفسه لم يعدُ هذه التقارير دليلاً موثوقاً على خطة تروتسكي و / أو سيدوف لاغتيال ستالين. بدلاً من ذلك ، وفي تناقض مباشر مع ما كتبته في مراجعتك ، أكد فولكوجونوف أنه 'لا توجد ذرة واحدة من الأدلة على أن التروتسكيين نفذوا أو أعدوا لأي عمل إرهابي بارز' (ص 380).

وفي ما بدا أنه محاولة لتحويل الانتباه بعيداً عن الحقائق التاريخية ، فإن رسالتك قدمت خطاً جديداً من المحاججة. وسواء دعا تروتسكي وسيدوف إلى اغتيال ستالين أم لا ، فهذا ليس أمراً حاسماً. أقريتم أنه 'من الممكن أن يكون العميل المعني ، زبوروفسكي ، هو من لفق التهديد.' ومع ذلك ، يمكنك بعد ذلك القول إن 'الشيء المهم هو أن مثل هذه المشاعر ،في تقارير ،زوبروفسكي تم نقلها إلى موسكو ويبدو أنها أًخذت وفق ظاهرها.'

يبدو أنك تقترح أن الإرهاب كان ، إلى حد ما على الأقل ، مدفوعاً باعتقاد ستالين المشروع وإنه كان مضللًا بأنه كان هدفاُ لمؤامرات اغتيال نظمها تروتسكي. هذه الحجة ضعيفة في منطقها الداخلي كما هي لجهة الحقائق. إذا كانت الحوادث التي أشار إليها زوبروفسكي  اختلاقات من الشرطة السرية ، كما أقر فولجوكنوف في أكثر من موقع فلماذا أخذها ستالين وفق ظاهرها؟ وحتى لو كان تقرير زوبروفسكي. 

رواية عن  تهديد تافه سياسياً أطلقه سيدوف في لحظة غضب ، فمن يستطيع أن يعتقد بجدية أن مثل هذه الملاحظة قدمت الدافع لمحاكمات موسكو ومزاعمها الرائعة بالتخريب والاغتيالات والتجسس؟ ففي الواقع ، كان أول تقريري زوبروفسكي اللذين استشهد بهما فولكوجونوف مؤرخاً في 8 فبراير 1937 ، بعد أسبوع واحد من إعدام المتهمين في المحاكمة الثانية من محاكمات موسكو الثلاث. تم تأريخ التقرير الثاني بعد عام واحد ، عشية المحاكمة الثالثة. على هذا الأساس وحده ، فإن ما قاله سيدوف أو لم يقله لزبوروفسكي لا علاقة له أبداً بفهم إرهاب ستالين. لسوء الحظ ، يبدو أنك عازم على تحميل تروتسكي على الأقل بعض المسؤولية عن محاكمات موسكو ، على الرغم من أنه ، كما كتب فولكوجونوف ، 'تم تنظيمها لتدمير تروتسكي أخلاقياً وسياسياً ونفسياً ...' (ص. 381). سعياً وراء هذا الجهد ، أنت مجبر على اللجوء إلى الحجج التي تسخر من التحليل التاريخي الجاد.

إن تروتسكي وسيدوف ، كما أشرت مباهياُ ، قد حثا على الإطاحة بستالين. على أساس هذه الحقيقة المعروفة ، التي لم ينكرها أحد على الإطلاق ، طرحت الأسئلة الخطابية التالية: 'الآن هل يمكنك حقاً تخيل الإطاحة بالديكتاتورية الشمولية بأي طريقة أخرى إلا بقتل زعيمها؟ هل تعتقد أن ستالين ، في مواجهة الهزيمة ، كان سيستقيل بلطف ويتقاعد؟ ' مع وجود خطر الإساءة إليك مرة أخرى ، اسمح لي أن أقول إن هذه الأسئلة خارج الموضوع تماماُ. دعونا نسلم بأن ستالين ، بعقلية الشرطي ، ماهى بين الثورة السياسية وتدميره الشخصي. بعد كل شيء ، لا يتوقع أي طاغية أي شيء إيجابي من الثورة. كانت مخاوف ستالين السياسية ومخاوفه الشخصية بالتأكيد عاملاً مركزياً في قرار إجراء محاكمات صورية وقتل خصومه. لكن الحقيقة الواضحة المتمثلة في أن ستالين كان يخشى تروتسكي لا تضيف أي شيء على الإطلاق إلى المصداقية القانونية للتهم المقدمة في المحاكمات. علاوة على ذلك ، فإن السؤال الذي طرحته محاكمات موسكو لم يكن ما إذا كان برنامج تروتسكي للثورة السياسية قد يؤدي ، إذا قبلته الجماهير السوفييتية وعملت بناءً عليه ، إلى وفاة ستالين في نهاية المطاف. بدلاً من ذلك ، كان السؤال هو ما إذا كان تروتسكي ورفاقه قد سعوا لإزاحة ستالين من السلطة من خلال الاغتيال.

التمييز ليس صغيراً ، وقد فهمه الأشخاص ذوو التفكير السياسي في الثلاثينيات. وكما أوضح جون ديوي الأمر جيداً في عام 1937 ، 'لم تتم إدانة تروتسكي بتهم المعارضة النظرية والسياسية للنظام القائم في الاتحاد السوفيتي. لقد أدين بتهم محددة تعتبر حقيقتها أو زيفها حقيقة موضوعية .'

هناك قضية تاريخية أخرى طرحتها أسئلتك البلاغية تستحق الاهتمام. كتبت أنه لا يمكن تصور أن نظام شمولي يمكن الإطاحة به 'بأي طريقة أخرى إلا بقتل زعيمه'. أفترض أن معظم الإرهابيين يتفقون معك ، لكن هذه النظرة تخون فهماً محدوداً للتاريخ ومفهوماً مبسطاً للسياسة.

فعلى النقيض من ذلك ، أنا مضطر إلى تقديم ملخص موجز لفهم تروتسكي للنظام الستاليني الشمولي. كماركسي، اقترب تروتسكي من السياسة من وجهة نظر تفاعل ونضال القوى الاجتماعية الكبرى ، وتصور الثورة على أنها تدخل واع للجماهير العريضة من الشعب العامل في الحياة السياسية. لم يسبق لتروتسكي أن اختصر الظاهرة المعقدة للديكتاتورية البيروقراطية في الاتحاد السوفياتي في طموحات وجرائم رجل واحد. وبدرجة من الوضوح تجاوزت كل معاصريه ، شرح تروتسكي الجذور الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للاستبداد البيروقراطي بعد الثورة في الاتحاد السوفيتي. وحتى نهاية أيامه ، لم يعدٌ ستالين أبدًا أكثر من أنه'متميزاً بين متوسطي  الأداء ' ، كانت ديكتاتوريته الشخصية تعبيراً مركزاً عن احتكار البيروقراطية السوفيتية للسلطة السياسية. أصر تروتسكي على أن الإطاحة بالستالينية تتطلب إعادة الصحوة السياسية للطبقة العاملة وتعبئتها على أساس برنامج ثوري موجه ضد الوضع المتميز للبيروقراطية وقمعها للحقوق الديمقراطية للعمال. لم يكن الرد على الستالينية موجوداً في رصاصة قاتل ، ولكن في صراع الجماهير العظيمة. لهذا السبب ، لم يشغل تروتسكي نفسه بتجنيد القتلة (كما ادعى ستالين) ولكن ببناء حركة ماركسية دولية جديدة وبالتعليم السياسي والنظري لكوادرها.

أما بالنسبة لمصير ستالين الشخصي ، فقد كان هذا إلى حد كبير مسألة لم تثر اكتراث تروتسكي. من المنطقي أن نفترض أنه توقع أن تتعامل حركة ثورية منتصرة مع ستالين وأتباعه كما يستحقون. لكن في كتابات تروتسكي الهائلة المنشورة وغير المنشورة ، أشك في أن الباحث الواعي سيجد أكثر من بضع جمل تناول فيها تروتسكي هذه المسألة. إنه ببساطة لم يعتقد أنها كانت قضية ذات أهمية كبيرة.

أخيراً في فقرتك الختامية: 'لم أشر في أي مكان إلى أن التهم الموجهة إلى زينوفييف وكامينيف وبوخارين والآخرين كانت صحيحة تماماً بل كانت محض افتراءات '. في الواقع ، أيها البروفيسور بايبس ، فإن مراجعتك لسيرة فولكوجونوف لم تتضمن فقط ، المزاعم الستالينية  حول مؤامرات الاغتيال بل ودعمت ذلك . ومع ذلك ، فأنا على استعداد لقبول هذا البيان كتصحيح لما كتبته في مراجعتك.

لكن هذا التصحيح ملطخ وملتبس في آخر جملتين من رسالتك حيث  كتبت: 'ما كنت أقوله هو أن تهم' التروتسكية 'كانت إلى حد ما مستوحاة من التهديدات غير المسؤولة التي وجهها تروتسكي وابنه. لقد خدما أغراض ستالينية '. ما قصدته بعبارة 'اتهامات' التروتسكية 'ليس واضحاً تماماً بالنسبة لي. لكن الإشارة إلى 'التهديدات التي لا يمكن تحملها' وخدمة 'الأغراض الستالينية' تمثل مرة أخرى محاولة لإلقاء اللوم على تروتسكي في الجرائم التي ارتكبتها البيروقراطية السوفيتية ضده وضد مؤيديه. يبدو أنك تقول إنه لو لم يعارض تروتسكي النظام السوفييتي ، لما اضطر ستالين لقتل خصومه السياسيين. لكن هذا حشو لا يفسر شيئاً على الإطلاق.

كانت معارضة تروتسكي للبيروقراطية السوفيتية تعبيراً لا يمكن كبته عن قناعاته الماركسية والاشتراكية. لقد عبّر برنامج هذه المعارضة عن المصالح الاجتماعية للطبقة العاملة التي انتهكت حقوقها بيروقراطية امتلكت امتيازات. إن صراع حياة وموت تروتسكي ضد الاستبداد البيروقراطي  أوضح بشكل بطولي الحقيقة السياسية للغاية التي سعيت إلى دحضها في العديد من كتاباتك ، وهي أن الماركسية والستالينية يقفان متعارضان و لا يمكن التوفيق بينهما. ومن بين جميع البدائل التي أٌتيحت  لتروتسكي في العقدين الثاني والثالث من  القرن الماضي ، كان البديل الذي لم يفكر فيه مطلقًا هو التسوية السياسية والتوافق مع البيروقراطية الستالينية. حتى دميتري فولكوجونوف ، على الرغم من كل الإخفاقات العديدة في سيرته الذاتية عن تروتسكي ، أشاد بالطابع القوي لنضاله ضد الستالينية. كتب فولكوجونوف: 'ربما كان تروتسكي أول شخص يضع على جدول الأعمال المفتوح الحاجة إلى تصفية الستالينية كنظام ، وكأيديولوجيا ، وكأسلوب للعمليات ، وكطريقة للتفكير. بالنسبة لتروتسكي ، كانت الستالينية أسوأ شكل من أشكال الشمولية ، لا يمكن مقارنتها إلا بالفاشية. لا يمكن أن يحدث التطور الديمقراطي الحقيقي إلا إذا تم تفكيك النظام الستاليني. و عندها فقط يمكن، للمرة الأولى، أن يكون للاشتراكية مستقبل .'(ص 370)

المخلص لك ، ديفيد نورث ، الأمين الوطني لحزب المساواة الاشتراكية