العربية

الهجوم الإرهابي في اسطنبول يؤدي إلى تصعيد إجراءات الدولة البوليسية والعسكرة

نُشرت هذه المقالة في الأصل باللغة الإنجليزية في14   نوفمبر 2022

أسفر الهجوم الإرهابي يوم الأحد في شارع الاستقلال ، أحد أكثر شوارع اسطنبول ازدحاماً ، عن مقتل ستة أشخاص ، من بينهم طفلان. ولا يزال اثنان من الجرحى في حالة خطيرة في العناية المركزة.

كما حدث بعد عدد لا يحصى من الهجمات الإرهابية في تركيا وعلى الصعيد الدولي في العقود الأخيرة ، ردت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان بتعليق الحقوق الديمقراطية الأساسية وفرض قيود صارمة على وصول الجمهور إلى المعلومات والإنترنت. وترافق ذلك مع حملة مناهضة للاجئين أطلقتها قوى اليمين المتطرف على وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن تم تحديد الجانية المزعومة رسمياً بوصفها سورية.

يدعو موقع ا الاشتراكية العالمية جميع العمال إلى معارضة جهود النخبة الحاكمة لاستخدام هذا الهجوم القذر لقمع الطبقة العاملة والقضاء على الحقوق الديمقراطية الأساسية من خلال تعزيز القومية والعسكرة.

فقد أعلنت السلطات أنه تم اعتقال 48 شخصاً حتى الآن ، بمن فيهم المشتبه بها التي زُعم أنها زرعت القنبلة التي انفجرت في شارع الاستقلال. وبحسب بيان صادر عن مديرية أمن اسطنبول يوم أمس ، فإن المشتبه بها التي ُزعم أنها زرعت القنبلة 'تم تدريبها كضابط مخابرات خاص من قبل منظمة إرهابية من حزب العمال الكردستاني / حزب الاتحاد الديمقراطي / وحدات حماية الشعب' ودخلت تركيا 'بشكل غير قانوني لتنفيذ هجمات. في تركيا عبر منطقةعفرين - إدلب (في سوريا) ' قبل حوالي أربعة أشهر.

بدا في لقطات مداهمة صباح الإثنين على المهاجمة المزعومة ، المواطنة السورية أحلام البشير ، وفي صورها التي التقطت في حجز الشرطة ، أنها مرتعبة.

قال مسؤول تركي كبير لم يكشف عن اسمه لرويترز إنهم لم يستبعدوا ارتباطها بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، مما ألقى بظلال من الشكوك على مصداقية البيانات الرسمية اكثر من ذلك. ففي الأشهر الأخيرة ، تصاعدت التوترات بين أنقرة ووكلائها الإسلاميين في سوريا. وتم الإعلان مؤخراً عن دخول هيئة تحرير الشام إلى عفرين الخاضعة لسيطرة الجيش التركي ووكلائه ، مستغلة الخلافات داخل 'الجيش الوطني السوري' المدعوم من تركيا.

وزعم بيان مديرية أمن اسطنبول أن البشير “صرحت بأنها تلقت تعليمات بتنفيذ هجوم في اسطنبول من مقر منظمة حزب العمال الكردستاني / حزب الاتحاد الديمقراطي / وحدات حماية الشعب الإرهابية في مدينة كوباني بسوريا ، وأنها نفذت التفجير يوم الأحد الموافق 13.11.2022 في الساعة 8:30 مساءً. 16:20 ثم هربت '.

ومع ذلك ، لم يصدر محامو البشير ولا محامو أكثر من 40 معتقلاً أي بيان أو أعلنوا مسؤوليتهم.

ومع ذلك ، تشير تصريحات وزير الداخلية سليمان صويلو إلى مزيد من تصعيد التوترات بين تركيا وحلفائها في الناتو بقيادة الولايات المتحدة. اتهم صويلو علناً واشنطن ، التي تدعم وحدات حماية الشعب في سوريا ، وأعلن أنهم يرفضون تعازي السفارة الأمريكية في تركيا: 'لقد تلقينا الرسالة التي أعطيت لنا. نحن نعلم ما هي الرسالة المعطاة لنا. نحن نرفض رسالة التعزية من سفارة الولايات المتحدة '.

أعلن صويلو أن تحالف تركيا مع واشنطن صار موضع شك ، مضيفاً: 'يجب مناقشة تحالف الدولة التي ترسل الأموال إلى كوباني من مجلس الشيوخ. نحن لا نخون أحد ، لكن ليس لدينا المزيد من القوة للتسامح مع هذه الأعمال الغادرة. سنقدم رداً قوياً جداً على الرسالة التي تلقيناها '. وربما لمح تعهد صويلو بـ 'الرد القوي' إلى عملية عسكرية تركية جديدة ضد ميليشيات حماية الشعب في سوريا.

فبعد محاولة الانقلاب المدعومة من الناتو في تركيا في 15 يوليو 2016 ، شنت حكومة أردوغان ووكلائها الإسلاميين عدة غزوات في سوريا لمنع تطوير جيب الذي تقوده وحدات حماية الشعب. وفي مايو ، أعلن أردوغان أن الجيش التركي يستعد لهجوم جديد ضد القوات الكردية السورية. لكنه تراجع في مواجهة معارضة كل من الولايات المتحدة التي تحتل شمال شرق سوريا وروسيا وإيران اللتين تدعمان نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

بعد محاولة الانقلاب عام 2016 ، كان صويلو من أكثر الأصوات صراحةً التي اتهمت الولايات المتحدة بالوقوف وراء الانقلاب. ولا يزال الداعية الإسلامي فتح الله غولن ، الذي تزعم أنقرة أنه قاد الضباط الانقلابيين ، مقيماً في الولايات المتحدة. وفي بيان صدر في أوزبكستان يوم السبت ، اتهم أردوغان مرة أخرى الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين بحماية مدبري الانقلاب.

قال أردوغان: 'من الذي يحميهم (العناصر الموالية لغولن) الآن؟ إنها اليونان في المقام الأول فهم يهربون إلى اليونان ويهربون إلى أوروبا. لطالما فروا هنا. إنهم يعيشون في ألمانيا وفرنسا وهولندا والدنمارك والدانمارك وإنجلترا وأمريكا '. ثم هاجم بايدن قائلاً: 'وأمريكا تخفي هذا الرجل [غولن]. من يخفيه؟ بايدن يخفيه ... إذا سألتني أين مركز الإرهاب ، سأخبرك بهذا الآن (الولايات المتحدة)'. كان أردوغان قد قال في وقت سابق إن الولايات المتحدة هي 'مصدر الإرهاب' في سوريا.

وفقًا لـ T24 ، قالت السفارة الأمريكية في أنقرة: 'إن الولايات المتحدة تدين بشكل قاطع الإرهاب بجميع أشكاله وتقف متضامنة مع تركيا ، حليفتنا القيمة في حلف شمال الأطلسي' ، وكان هذا رداً على صويلو. في الواقع ، هناك خلاف بين واشنطن وأنقرة ، ليس فقط بشأن المسألة الكردية ، ولكن الأهم من ذلك هو الخلاف بشأن الحرب ضد روسيا.

أصدر حزب العمال الكردستاني ، ووحدات حماية الشعب ، وقوات سوريا الديمقراطية ، التي تشكل وحدات حماية الشعب العمود الفقري لها ، بيانات منفصلة ، نفت فيها أي علاقة لها بالهجوم الإرهابي في اسطنبول. من ناحية أخرى ، زعم حزب العمال الكردستاني منذ فترة أن الجيش التركي يستخدم أسلحة كيماوية في عملياته المستمرة ضده في العراق.

فوفقاً لـ ANF News ، أعلن حزب العمال الكردستاني: 'لا علاقة لنا بهذا الحادث ، ومن المعروف للجمهور أننا لن نستهدف المدنيين بشكل مباشر أو نوافق على الأعمال الموجهة ضد المدنيين' ، مضيفاً: 'يشير المسؤولون الأتراك إلى كوباني كهدف فيما يتعلق بهذا الحادث يكشف عن جانب من خطتهم '.

وكتب قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي على تويتر 'لا علاقة لقواتنا بهجوم اسطنبول' بينما وصفت وحدات حماية الشعب الادعاءات بأنها 'مسرحية مخطط لها أعدها حزب العدالة والتنمية وأردوغان'.

مع ذلك ، قال دوران كالكان ، زعيم اتحاد مجتمعات كردستان (KCK) ، المنظمة الجامعة التي تضم حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي ، في مقابلة في أبريل / نيسان ، إنهم سيستهدفون المدن.

في مقابلة تلفزيونية بعد أن شن الجيش التركي هجومًا استهدف قوات حزب العمال الكردستاني في العراق ، و أعلن كالكان: 'المقاتلون لا يلعبون دور الدفاع ، إنهم يهاجمون. سوف يهاجمون حيث لا تتوقعه [الحكومة التركية] على الأقل. لن يكون هذا فقط على الجبهات والأهداف والمواقع العسكرية ، ولكن في جميع أنحاء كردستان الشمالية ، في جميع أنحاء تركيا ، حيث يهاجمنا حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية. ستكون المدن و كل مكان ساحة معركة '.

الحقيقة هي أنه لا يمكن الوثوق بأي بيان صادر عن حكومة الولايات المتحدة أو أنقرة أو من القوميين الأكراد. فبعد أن حلت البيروقراطية الستالينية الاتحاد السوفيتي في عام 1991 ، حولت الإمبريالية الأمريكية المنطقة إلى منطقة حرب من العراق إلى أفغانستان ، ومن ليبيا إلى سوريا ، مما أسفر عن مقتل ملايين الأشخاص وخلق ملايين آخرين من اللاجئين. والآن ، كما صعدت قوى الناتو بقيادة الولايات المتحدة من حربها مع روسيا في أوكرانيا ، مما زاد من شبح اندلاع حرب نووية عالمية.

كانت كل من النخبة الحاكمة التركية والقيادات القومية الكردية متواطئة إلى حد كبير في هذه الحرب الإمبريالية التي استمرت 30 عاماً وفي الكوارث التي تلت ذلك. تظل أنقرة ، رغم كل صراعاتها مع واشنطن ، حليفاً مهما ًلحلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط ، بينما أصبح حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب القوة الرئيسية بالوكالة للولايات المتحدة في سوريا. كل هذه القوى هي أعداء للتطلعات الديمقراطية للشعوب المضطهدة بما في ذلك الأكراد.

مهد الهجوم الإرهابي في اسطنبول الطريق لأنقرة لتصعيد كل من النزعة العسكرية في الخارج وإجراءات الدولة البوليسية في الداخل لقمع المعارضة الاجتماعية وكذلك الحقوق الديمقراطية الأساسية. فمع بلوغ التضخم السنوي الرسمي 85 في المئة و حيث يعيش 90 في المئة من السكان تحت خط الفقر ، تتجه تركيا إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في يونيو 2023 ، إن لم يكن قبل ذلك. و يخاطر أردوغان بخسارة الانتخابات في مواجهة الاضطرابات الاجتماعية المتزايدة.

من الضروري تعبئة الطبقة العاملة على أساس ثوري ، مستقل عن المؤسسة السياسية البرجوازية الموالية للإمبريالية بأكملها ضد كل الجهود المبذولة لتقسيم وقمع العمال. وهذا يعني توحيد العمال والشباب في تركيا والشرق الأوسط والعالم على أساس برنامج اشتراكي ضد الحرب الإمبريالية والحكم البرجوازي ، ونبذ جميع أشكال القومية والعسكرة.

Loading