العربية

واشنطن تجعل حرب أوكرانيا نقطة اشتعال جديدة في مواجهتها مع إيران

نُشرت هذه المقالة باللغة الإنجليزية في كانون الثاني/يناير 5 2023

فتحت إدارة بايدن ، المدعومة إلى أقصى حد من قبل حلفائها الإمبرياليين الأوروبيين ، جبهة جديدة في حملتها العدوانية والتآمر ضد إيران ، مع التركيز على العلاقات الاقتصادية والعسكرية المتزايدة لطهران مع روسيا.

تقوم واشنطن بتشويه سمعة إيران بوصفها شريكاً في 'العدوان' الروسي ، بل وحتى في 'الإبادة الجماعية' ، وذلك هدف زيادة عزل النظام القومي البرجوازي الشيعي المحاصر في إيران ، والتنمر على دول الخليج وإسرائيل ، التي سعت حتى الآن إلى تحقيق التوازن بين أوكرانيا و روسيا ، لتقديم دعمها غير المشروط للحرب التي حرض عليها الولايات المتحدة والناتو في أوكرانيا.

يسلط هذا التطور الضوء على الدرجة التي تؤدي بها حرب الإمبريالية الأمريكية الهمجية والمتهورة في أوكرانيا، إلى جانب الاستعدادات الأوسع للحرب مع الصين ، إلى تفاقم الصراعات المتفجرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط ، حتى مع انخفاض مستويات المعيشة.

نددت واشنطن ببيع إيران لموسكو مئات من طائراتها بدون طيارذاتية التفجير من طراز 'كاميكازي' شهيد 136 ، التي تُعرف أيضاً باسم حشود الطائرات بدون طيار ، والتي تم استخدامها لاستهداف البنية التحتية المدنية في أوكرانيا وترك ملايين الأوكرانيين في ظروف برد قارص بدون كهرباء أو حرارة أو خدمة الهاتف المحمول بل وحتى الماء.

إن سخرية  ونفاق القوى الإمبريالية لا حدود لهما. تتضاءل قدرات هذه الطائرات بدون طيار مقارنة بقوة النيران الجوية ، بما في ذلك الصواريخ المتطورة والطائرات بدون طيار ، التي استخدم بعضها لضرب عمق روسيا ، والتي زودت الولايات المتحدة أوكرانيا بها، ناهيك عن عشرات المليارات من الدولارات من الأسلحة المتقدمة الأخرى من قوى الناتو التي  أمطرتها على كييف.

كما تشير كلفة الطائرة بدون طيار التي تتراوح بين 5000 و 20000 دولار ، فإن شهيد 136 لديها قدرات محدودة للغاية. وبسرعة قصوى تبلغ 185 كيلومتراً (115 ميلاً) في الساعة ومداها 2200 كيلومتر ، يمكنها حمل رأس حربي يصل إلى 40 كيلوغراماً (88 رطلاً). انها ليست جيدة جدا في التهرب من أنظمة الدفاع الجوي. وبحسب ما ورد أُسقط المئات منها فوق أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة. لكن كونها رخيصة الثمن ، يمكن نشرها في أسراب حتى لو تم اعتراض معظمها ، فإن القليل منها سيصل إلى أهدافه ليحقق تأثير مدمر.

ظهر في الأسابيع الأخيرة ، مقالات عديدة في وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية نقلاً عن معلومات استخباراتية لم تسمها ومسؤولين حكوميين آخرين يتهمون إيران بتكثيف عمليات تسليم الطائرات بدون طيار إلى روسيا والتخطيط لشحن أسلحة أكثر تطوراً. زعمت كييف أن روسيا طلبت 2600 أو أكثر طائرة بدون طيار من طهران ، بينما ذكرت صحيفة واشنطن بوست في نوفمبر أن مسؤولي المخابرات أبلغوها بأن إيران تبني منشأة لتصنيع الطائرات بدون طيار في روسيا. كما اتُهمت إيران بالتخطيط لتزويد موسكو بصواريخ باليستية قصيرة المدى ، بما في ذلك فاتح 110 و ذو الفقار. يمكن أن تضرب على مسافات 300 و 700 كيلومتر (186 و 435 ميلاً) ، ولكن سيكون من الصعب جداً إسقاطها.

بالإضافة إلى هذه المزاعم ، اتهم المسؤولون الأمريكيون والبريطانيون علناً بأن التعاون العسكري الاستراتيجي بين روسيا وإيران وصل إلى 'مستوى غير مسبوق'. وقدأعلن وزير الدفاع البريطاني بن والاس الشهر الماضي أنه 'مقابل تزويدها بأكثر من 300 طائرة بدون طيار من طراز كاميكازي ، تعتزم روسيا الآن تزويد إيران بمكونات عسكرية متطورة ، مما يقوض الشرق الأوسط والأمن الدولي'. ورفض والاس تقديم أي تفاصيل. لكن قيل إن موسكو تدرس بيع طهران كل شيء من نظام الدفاع الصاروخي إس -400 إلى طائرات سوخوي -35 المقاتلة.

من جانبه ، صنف الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ إيران بالشريك الدفاعي الرئيسي لروسيا واتهم طهران بالتفكير الجاد في تزويد موسكو بصواريخ باليستية يمكن أن تستهدف مدناً في أوروبا الغربية.

كرر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هذه المزاعم وضخّمها في خطابه في 21 كانون الأول (ديسمبر) ، الذي صُمم بعناية ليتوافق مع خط واشنطن ، في جلسة مشتركة للكونجرس الأمريكي. وندد بإيران ووصفها بأنها 'حليف' لروسيا في استخدامها الصواريخ في 'الإبادة الجماعية' لتدمير المدن الأوكرانية وقال: 'هكذا وجد أحد الإرهابيين الآخر. إنها مسألة وقت فقط عندما يضربون حلفاءك الآخرين إذا لم نوقفهم الآن. يجب أن نفعل ذلك '.

تابع وزير الخارجية الأمريكي ، أنتوني بلينكين ، نداء زيلينسكي من أجل ضخ كميات هائلة من المساعدات والأسلحة ، بما في ذلك الأنظمة المتقدمة القادرة على إسقاط الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات الحربية الروسية ، مع إعلان أن الولايات المتحدة سترسل إلى كييف بطارية واحدة على الأقل من صواريخ باتريوت أرض جو.

وحذر رئيس المخابرات الإسرائيلية ديفيد بارنيا في الوقت نفسه من أن إيران 'تعتزم' 'توسيع وتعميق إمداداتها من الأسلحة المتطورة لروسيا' ، مما ينذر بـ 'هجمات على الدول الإسلامية في المنطقة'.

توطدت العلاقات بين روسيا وإيران خلال العام الماضي. ففي يوليو ، بعد أيام فقط من زيارة بايدن للمملكة العربية السعودية وإسرائيل كجزء من جولة في الشرق الأوسط ركز على تشكيل تحالف بقيادة الولايات المتحدة ضد إيران ، سافر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طهران لعقد اجتماع قمة مع المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي. بعد ذلك الاجتماع ، كتب خامنئي ، وفقاً لرويترز ، على موقعه على الإنترنت أنه إذا لم تغزُ روسيا أوكرانيا ، 'لكان الطرف الآخر قد أخذ زمام المبادرة وأدى إلى اندلاع الحرب'.

ومع ذلك ، فإن الشراكة بين الجمهورية الإسلامية ونظام بوتين هي شراكة ملائمة بحتة ، حيث يسعى كل منهما إلى تحقيق مصالحه وطموحاته.

مهما كانت الحقيقة في ادعاءات  مواصلة إيران تزويد روسيا بطائرات بدون طيار أو خطط بناء مصنع للطائرات بدون طيار هناك، وقد نُفي  كلاهما، فلا يوجد دليل على أن أياً من البلدين يقدم أو يخطط لتقديم أسلحة متطورة إلى الآخر إذ إنه من شأن هذا التعاون أن يهدد المبادئ الأساسية للسياسة الروسية الحالية في الشرق الأوسط.

في سوريا ، حيث تدخل كلاً من البلدين لدعم نظام الرئيس بشار الأسد ضد الوكلاء الإسلاميين المدعومين من وكالة المخابرات المركزية ودول الخليج النفطية وتركيا ، سمحت موسكو لإسرائيل ، التي يتمتع رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بعلاقات وثيقة مع بوتين، بشن مئات إن لم يكن آلاف الضربات الجوية على منشآت وأفراد تابعين لإيران وحزب الله وحلفاء آخرين ، وكذلك على المطارات المدنية في سوريا. وبالمثل ، فإن تزويد طهران ، المتشوقة إلى  استبدال أسطولها الجوي القديم ، بأسلحة متطورة من شأنه أن يعرض علاقات بوتين المزدهرة مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وإسرائيل للخطر ، وكلها معادية بشدة لإيران.

لا يستثني أي من هذا احتمال أنه مع تصاعد الحرب بين الولايات المتحدة والناتو على روسيا خلال عام 2023 وتكثيف واشنطن الضغط على إيران ، ستضطر موسكو وطهران إلى تقارب أكثر إحكاماً ، مما يضيف بُعداً متفجراً إضافياً إلى صراعاتهما مع القوى الإمبريالية الغربية. .

في الواقع ، هناك خطر متزايد من أن حملة الولايات المتحدة والناتو لهزيمة روسيا وإخضاعها عسكرياً ستساعد، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ، في إشعال حرب كبرى في الشرق الأوسط ، أو توسيع الحرب الحالية ، أو توسيع الحرب الحالية إلى الشرق الأوسط، حيث تتخذ شكل مواجهة مباشرة أكثر من أي وقت مضى بين روسيا والإمبريالية الأمريكية في الشرق الأوسط.

الهجوم المضاد الأمريكي ضد الطائرات بدون طيار الإيرانية

في مقال شارك في كتابته محرر  قناة  المخابرات المركزية الأمريكية  المخضرم ديفيد سانجر ونشرته صحيفة نيويورك تايمز في 28 ديسمبر ، أعلنت واشنطن إنها أطلقت حملة كبيرة لإحباط قدرة إيران على تصنيع طائرات بدون طيار وتسليمها إلى روسيا. ووفقاً لصحيفة التايمز ، فإن هذا 'مسعى له أصداء لبرنامجها المستمر منذ سنوات لقطع وصول طهران إلى التكنولوجيا النووية'.

وصفت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي أدريان واتسون الإجراءات واسعة النطاق التي بدأتها الولايات المتحدة ، قائلة: 'نحن نبحث عن طرق لاستهداف الطائرات الجوية الإيرانية (مركبة جوية بدون طيار) من خلال العقوبات ، وضوابط التصدير ، والتحدث إلى الشركات الخاصة التي تم استخدام أجزاء من صنعها في الإنتاج '. وأوضح المقال أن الولايات المتحدة ستكثف أيضاً جهودها لتزويد أوكرانيا بالقدرة على إسقاط طائرات 'كاميكازي' الإيرانية بدون طيار.

ومع ذلك ، استشهد المقال أيضاً بتحذيرات من المسؤولين والمحللين من إنه من المحتمل أن يكون لمثل هذه الأساليب تأثير محدود دون أن يذكر ذلك صراحة ، لمح المقال إلى أن الولايات المتحدة ، بالاشتراك مع كلبها المهاجم في تل أبيب ، ستشن حملة تخريب جديدة ضد إيران ، بالتوازي مع الهجمات الإلكترونية واغتيالات كبار المسؤولين وغيرها من الإجراءات السرية التي استخدمتها لتعطيل برنامج إيران النووي.

ويمثل استهداف واشنطن لتزويد روسيا بطائرات من قبل طهران مسيرة تصعيداً وجبهة جديدة في مواجهتها مع إيران. فمن خلال العقوبات الاقتصادية المعوقة ، والاستفزازات العسكرية والتهديدات بالحرب ، سعت الإدارات الأمريكية المتعاقبة ، تحت حكم الجمهوريين والديمقراطيين على حدٍ سواء ، إلى هندسة إعادة اصطفاف سياسي موالٍ للولايات المتحدة في طهران ، إن لم يكن للوصول إلى تغيير النظام على نطاق واسع.

بدا في أغسطس من العام الماضي ، أن إدارة بايدن كانت على وشك التوقيع على اتفاق مع طهران لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 ، بعد أن انتزعت المزيد من التنازلات من إيران من خلال مواصلة حملة 'الضغط الأقصى' التي تهدف إلى تحطيم اقتصاد إيران التي أطلقتها إدارة ترامب لما انسحبت الولايات المتحدة من جانب واحد من الاتفاقية في عام 2018.

ومع ذلك ، غيرت واشنطن مسارها فجأة ، وأشارت الآن ، بدعم من حلفائها الأوروبيين ، إلى أن إحياء الاتفاق النووي لم يعد 'أولوية'. وكان اشتداد حرب أوكرانيا هو السبب الرئيسي لهذا التحول. جاء ذلك بعد أن بدأت القوات العسكرية الأوكرانية ، المسلحة بأنظمة أسلحة أمريكية أكثر قوة وباهظة الثمن ، وبمساعدة المخابرات الأمريكية والدعم اللوجستي ، في إلحاق سلسلة من الهزائم المهينة بالقوات الروسية. رداً على ذلك ، هاجمت موسكو البنية التحتية الأوكرانية، وهي  الهجمات التي أصبحت أكثر تواتراً في الأشهر الأخيرة والتي يبدو أن الطائرات بدون طيار الإيرانية الصنع تلعب دوراً رئيسياً فيها.

من الواضح أن واشنطن وحلفاؤها عازمون على جعل إيران تدفع ثمن التدخل ، وإن كان متواضعاً ، في خططهم لإخضاع روسيا ونهب مواردها. تستمر طهران في الإصرار على استعدادها لعقد اتفاق مع واشنطن فالمحادثات عبر القنوات الخلفية مستمرة. وبقدر ما يكون هذا صحيحاً ، يمكن أن يكون من المؤكد أن واشنطن ولندن وباريس وبرلين تطالب بضمانات حديدية من النظام الإيراني بأن جميع المساعدات العسكرية لموسكو ستتوقف.

المحاولة الإمبريالية للاستفادة من الاحتجاجات الجماهيرية المناهضة للحكومة في إيران

سعت القوى الإمبريالية أيضاً إلى تكثيف الضغط على النظام الإيراني من خلال التدخل في الاحتجاجات الجماهيرية المناهضة للحكومة التي اندلعت في سبتمبر الماضي ضد الامتيازات السياسية والرقابة الاجتماعية والفساد المستشري للنخبة الدينية الشيعية في الجمهورية الإسلامية ، فضلاً عن ارتفاع الأسعار واشتداد البطالة الجماعية. واندلعت الاحتجاجات بعد قيام الشرطة في سبتمبر / أيلول بقتل مهسا أميني ، التي اعتقلت لارتدائها الحجاب بشكل غير لائق.

دعا أمثال بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون علناً إلى الإطاحة بالنظام ، كما أن وسائل الإعلام الغربية والمؤسسة السياسية روجت بلا هوادة لعدد كبير من قادة وجماعات المهاجرين الموالية للإمبريالية ، من رضا بهلوي ، نجل الشاه والوريث المحتمل لعرش الطاووس ، إلى الميليشيا القومية الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة.

استغلت القوى الغربية  وذرفت دموع التماسيح   نتيجة قمع النظام الدموي للاحتجاجات المناهضة للحكومة للهجوم على 'نظام الملالي' ، والإعلان عن جولات جديدة من العقوبات وهندسة تصويت في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإجراء تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في إيران.

الآن تحاول الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا كذباً أن تجادل بأن تصدير إيران للطائرات بدون طيار إلى روسيا يعد انتهاكاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231 وهو القرار الذي يؤيد الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 ، الذي وافقت طهران بموجبه على قيود غير مسبوقة على برنامجها النووي المدني في مقابل الانسحاب الموعود من العقوبات الاقتصادية.

كانوا غاضبين عندما رفض الأمين العام للأمم المتحدة ، أنطونيو جوتيرز ، في اجتماع لمجلس الأمن في 19 ديسمبر ، اقتراحهم بإرسال مسؤولين إلى كييف للتحقيق في هذا الانتهاك المفترض للقرار رقم 2231 . واتهم نائب السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة روبرت وود جوتيريش بـ «الرضوخ على ما يبدو للتهديدات الروسية».

وكرر سفير إيران لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إرافاني ادعاء إيران بأن الطائرات بدون طيار تم توريدها قبل بدء الحرب في فبراير ، قائلاً إنه 'لم يتم نقلها لاستخدامها في الصراع الجاري في أوكرانيا'. كما رفض الحجة القائلة بأن المجلس حظر تصدير الطائرات الإيرانية بدون طيار ، مشيراً إلى أن جميع القيود المفروضة على تجارة الأسلحة الإيرانية بموجب القرار 2231 انتهت في عام 2020 ، مما مهد الطريق لإيران لاستئناف تصدير الأسلحة. وبالتالي ، فإن الادعاء الغربي بأن طهران بحاجة إلى موافقة مسبقة 'ليس له أي ميزة قانونية'

وقال جوتيريس إن مسؤولي الأمم المتحدة كانوا يفحصون 'ما إذا كان ينبغي إرسال مسؤولين إلى كييف ومتى' 'في الصورة الأوسع لكل ما نقوم به في سياق الحرب'. قال مساعدوه إن أولويته القصوى هي ضمان عدم تعريض اتفاق مع روسيا يسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية للتخفيف من نقص الحبوب في جميع أنحاء العالم للخطر.

كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن إدارة بايدن تعمل عن كثب مع إسرائيل بشأن قضية الطائرات بدون طيار ، مما لفت الانتباه إلى اجتماع الفيديو الأخير الذي عقده جيك سوليفان ، مستشار الأمن القومي الأمريكي ، مع كبار مسؤولي الأمن والجيش والاستخبارات في إسرائيل. في هذا الاجتماع الفصلي ، المخصص عادة لمناقشة خطط تعطيل القدرات النووية الإيرانية ، ناقشوا علاقة إيران العسكرية المتنامية مع روسيا ، بما في ذلك نقل الأسلحة التي ينشرها الكرملين ضد أوكرانيا ، واستهداف بنيتها التحتية المدنية وتوفير روسيا للتكنولوجيا العسكرية لإيران فى المقابل.

عملت تل أبيب منذ فترة طويلة كمقاول من الباطن لواشنطن ، حيث نفذت أعمالها القذرة في المنطقة  بما في ذلك الهجمات الإلكترونية على أجهزة الطرد المركزي النووية الإيرانية والبنية التحتية ، والاغتيالات ، والهجمات البرية والبحرية والجوية على منشآت إيران وحلفائها في المنطقة  مع إعطاء القائمين عليها   إمكانية الإنكار.

عُقد الاجتماع في الوقت الذي كان فيه بنيامين نتنياهو ، الذي سعى منذ فترة طويلة للتحريض على الحرب ضد إيران ، بصدد تشكيل حكومة ائتلافية مع قوى اليمين المتطرف والفاشية. وعند توليه منصبه رسمياً ، أعلن نتنياهو أن أهم أولوياته هي 'إيقاف إيران' و 'توسيع دائرة السلام بشكل كبير' ، وهو ما يعني أن صفقات 'التطبيع' الإسرائيلية مع الدول العربية تهدف إلى إقامة تحالف مناهض لإيران ، وبشكل حاسم مع السعودية و شبه الجزيرة العربية. ما تزال الرياض ممتنعة عن إقامة علاقات دبلوماسية علنية مع إسرائيل ، لكن يُعتقد أنها تقترب من التطبيع ، على الأقل حتى استفزاز زعيم القوة اليهودية إيتمار بن غفير في المسجد الأقصى في البلدة القديمة بالقدس في وقت سابق من هذا الأسبوع.

يفرض خطر تصاعد الصراعات والحروب الجديدة ضرورة ملحة لتوحيد العمال - القوة الوحيدة التي يمكن أن توقف الاندفاع إلى الحرب - عبر المنطقة في نضال مشترك ضد الرأسمالية بهدف بناء مجتمع اشتراكي ، الذي من شأنه أن يمزق حدود مصطنعة تفصل بين شعوب واقتصادات المنطقة. بهذه الطريقة فقط يمكن للمنطقة أن تحرر نفسها من الحرب والقمع الإمبريالي ، الذي يغذيه دافع الربح والمصالح الإستراتيجية المفترسة للرأسماليين الأجانب والطبقات الحاكمة المحلية.

Loading