العربية

تعثر نظام نتنياهو بسبب الانتفاضة الفلسطينية

تشرين الأول/أكتوبر 8 2023

' لا يجب أن يخبرنا الخصيان المحتقرون أن مالك العبيد الذي يربط  عبداً مقيداً بالسلاسل من خلال المكر والعنف، والعبد الذي يكسر القيود من خلال المكر أو العنف  متساوون أمام محكمة الأخلاق!' ليون تروتسكي، 1938

ليلة الجمعة، شنت القوات الفلسطينية في قطاع غزة هجوما ًمفاجئاً، حيث أطلقت وابلاً من الصواريخ وهاجمت القوات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة. وحتى ليلة السبت، سقط 200 قتيل إسرائيلي و1100 جريح، و232 قتيلا فلسطينيا و1697 جريحا. في البداية، بادرت القوات الإسرائيلية إلى الهجوم المضاد، وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الفلسطينيين بدفع 'ثمن غير مسبوق' من الدماء من غزة.

إن ما بدأ ليلة الجمعة هو انتفاضة الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي العنيف والقمعي. لقد فرضت حكومة نتنياهو عقوبات على كل من عارض السرقة المستمرة للأراضي الفلسطينية من قبل المستوطنين الإسرائيليين الفاشيين، وحاصرت قطاع غزة، واستهدفت أعضاء من حزب حماس الحاكم بالاغتيالات واستفزازات منظمة ضد المسلمين في المسجد الأقصى. ومن خلال فرض ظروف لا تطاق على غزة، فقد جعلت المقاومة المسلحة أمراً لا مفر منه.

يدين موقع الاشتراكية العالمية التصريحات الشريرة والمنافقة الفاحشة للرئيس جو بايدن وقادة الاتحاد الأوروبي التي نددت بالمقاومة الفلسطينية باعتبارها 'إرهابًاً' في حين  تدعم دون أي تحفظ الهجوم الإسرائيلي على غزة.

وتعهد بايدن بتقديم دعم 'ثابت ودائم ' للعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد غزة، وقال: 'تدين الولايات المتحدة بشكل لا لبس فيه هذا الهجوم المروع ضد إسرائيل من قبل إرهابيي حماس من غزة، وأوضحت لرئيس الوزراء نتنياهو أننا على استعداد لتقديم المساعدة' و كافة وسائل الدعم المناسبة لحكومة وشعب إسرائيل فلا يوجد أبداً ما يبرر  الإرهاب، ولإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وشعبها”.

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك: 'إن العنف البغيض الذي تمارسه حماس ضد المدنيين في إسرائيل لم يسبق له مثيل وغير مبرر، ويجب أن يتوقف هذا الإرهاب فوراً وإن إسرائيل تحظى بتضامننا الكامل”.

إن نفاق هذه التصريحات مذهل. وكما هو الحال دائماً، فإن تعاطف القوى الإمبريالية هو مع المضطَهِدِين و أي مظهر من مظاهر المقاومة من قبل المضطهدين يُقابل بإدانات محمومة. وتتجاهل وسائل الإعلام حقيقة أن الحكومة الإسرائيلية يقودها مجرم يهيمن على ائتلافه عنصريون فاشيون ويشارك في جهود قمع الدستور.

وفي تغطيتها لحرب أوكرانيا، لا تفشل وسائل الإعلام أبداً في إدانة ما تشير إليه عادة بضم روسيا غير القانوني لشبه جزيرة القرم. وقد أعلنت الولايات المتحدة مراراً وتكراراً أنها ستدعم حرب أوكرانيا لاستعادة شبه جزيرة القرم 'مهما استغرق الأمر ذلك'، لكنها لا تدين أبدًا ضم إسرائيل غير القانوني لمساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية.

ليس لدى السكان الفلسطينيين في غزة وحكومة حماس داعمون إمبرياليون أقوياء يقومون بتسليحهم بما يصل إلى مئات المليارات من الدولارات. وبينما يحمل الفلسطينيون السلاح ضد احتلال الجيش الإسرائيلي، الذي يتلقى مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية الأمريكية كل عام، فإنهم يدركون أنهم يواجهون صعوبات هائلة.

ومع ذلك، لا يتم الترحيب بالقوات الفلسطينية كأبطال، بل يتم إدانتهم كإرهابيين من قبل السياسيين الرجعيين ووسائل الإعلام التابعة لدول الناتو. وفي الواقع، قامت الدولة الإسرائيلية منذ سنوات باستهداف وقتل مئات أو آلاف المدنيين بشكل متكرر في هجمات عشوائية على قطاع غزة المكتظ بالسكان.

ليلة السبت، في خطاب مروع للأمة، طلب نتنياهو من “سكان غزة” أن “يخرجوا الآن، لأننا سنعمل في كل مكان وبكل قوة”. وبما أن حكومته تحاصر غزة ولا تسمح لأي شخص بالخروج، فهذا إعلان بأن نتنياهو يعتبر سكان غزة بالكامل هدفاً مشروعاً، وقال مؤكداً أن 'حماس تريد قتلنا جميعا'، وتعهد نتنياهو 'بمحاربتهم حتى النهاية المريرة' وأن المدن التي تعمل فيها حماس ستتحول إلى 'مدن خراب'.

إن هذا التهديد الهمجي بتدمير قطاع غزة يشهد على الطابع الفاشي لنظام نتنياهو. كان المنتج النهائي لتحول النظام الصهيوني على مدى عقود طويلة نحو اليمين هو دمج الجماعات اليمينية المتطرفة العنيفة مثل الحزب الصهيوني الديني في حكومته الذي يدعو أعضاؤه إلى طرد الفلسطينيين من الأراضي المحتلة، ويشجعون على قتل الفلسطينيين كما جرى في  مذبحة الحرم الإبراهيمي عام 1994، ويطالبون بتدمير المسجد الأقصى ويروجون لإرث الفاشي الأمريكي المولد مئير كاهانا.

إن تبرير نتنياهو لحربه يقوم على تزييف أهداف حماس التي يتعامل معها كمنظمة إبادة جماعية. والحقيقة أن البيان الصادر عن كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أكد معارضتها ليس لليهود بل للاحتلال الإسرائيلي. وإذ يدين قتل الفلسطينيين على يد القوات الإسرائيلية والمستوطنين الإسرائيليين، والسجن الطويل الأمد للفلسطينيين، وسرقة الأراضي الفلسطينية، والاستفزازات في المسجد الأقصى، فإنه خلص إلى ما يلي:

'بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي حصاره لقطاع غزة ويواصل جرائمه ضد شعبنا الفلسطيني، مع إظهار أقصى درجات الاستهتار بالقوانين والقرارات الدولية وسط دعم أمريكي وغربي وصمت دولي، فقد قررنا وضع حد لكل ذلك . إننا نعلن عن عملية عسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي، رداً على جرائم إسرائيل المستمرة ضد الشعب الفلسطيني وانتهاكاته في المسجد الأقصى”.

إن قدرة حماس على الإعداد سراً لمثل هذه العملية وإطلاقها في السادس من أكتوبر ، بعد مرور 50 عاماً على حرب يوم الغفران، تكشف عمق أزمة الدولة الإسرائيلية. لقد اكتسحتها عناصر فاشية، وواجهت محاكمة استمرت سنوات لنتنياهو بتهمة الفساد، وواجهت احتجاجات جماهيرية للعمال والشباب في وقت سابق من هذا العام عندما حاولت وفشلت في تنفيذ إصلاح دستوري لتقويض الاستقلال القانوني للسلطة القضائية. وقد باءت محاولتها لقمع المعارضة الفلسطينية من خلال الإرهاب الفاشي بالفشل.

فوجئت حكومة نتنياهو بالانتفاضة الفلسطينية بنفس الطريقة التي فوجئ بها القادة النازيون في بولندا المحتلة بانتفاضة اليهود عام 1943 في غيتو وارسو وانتفاضة وارسو عام 1944. لقد أعمتها غطرستها وكراهيتها العنصرية، واعتقدت أن القمع قد كسر ظهر الفلسطينيين لدرجة أن المقاومة أصبحت مستحيلة. والآن انكشف خطأها، وهي تتحرك، كما حدث في بولندا المحتلة أيضاً، حيث رد النازيون على الانتفاضات بذبح عشرات ومئات الآلاف على شكل  حمام دم.

وتواجه هذه السياسة معارضة جماهيرية في صفوف الطبقة العاملة العربية والعالمية. وعلى الرغم من الأكاذيب الوقحة للقوى الإمبريالية، هناك تعاطف واسع النطاق مع الفلسطينيين بين مليارات الأشخاص في جميع أنحاء العالم.

ومع ذلك، يجب تعبئة هذا التعاطف والمعارضة سياسياً. وعلى وجه الخصوص، يجب على العمال والشباب في إسرائيل أن ينفصلوا عن سياسات القتل التي تتبعها حكومة نتنياهو ويعارضوها، وأن يدعموا نضال الفلسطينيين ضد القمع والاحتلال.

إن الأنظمة البرجوازية العربية والشرق أوسطية الفاسدة متواطئة في استعدادات نتنياهو لشن حملة قمع دموية مدعومة من الإمبريالية. وتوجه الحكومات الرأسمالية في تركيا ومصر والمملكة العربية السعودية وأماكن أخرى في المنطقة نداءات من أجل وقف التصعيد وضبط النفس، وهو ما سيتجاهله نتنياهو. وفي الوقت نفسه، فإنهم جميعاً يسعون لأسبابهم العسكرية والاستراتيجية إلى تطوير علاقات أوثق مع النظام الإسرائيلي.

إن القوة القادرة على وقف هجوم نتنياهو على إسرائيل هي الطبقة العاملة الإسرائيلية والفلسطينية والعالمية، التي تتقدم في نضال موحد لوقف الهجوم على غزة، وإسقاط نظام نتنياهو، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لغزة والضفة الغربية.