العربية
Perspective

إسرائيل تذبح الفلسطينيين الباحثين عن الدقيق: جريمة حرب صنعت في واشنطن

2 مارس 2024

في صباح يوم الخميس، أطلق جنود مشاة وقناصة ودبابات وطائرات بدون طيار إسرائيلية النار على حشد من الفلسطينيين الذين يتضورون جوعا في مدينة غزة بينما كانوا يصطفون للحصول على الدقيق من شاحنات المساعدات، مما أسفر عن مقتل 112 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 700 آخرين.

وأفاد الأطباء أن العديد من الضحايا وصلوا إلى المستشفيات مصابين بطلقات نارية في أجسادهم ورؤوسهم، مما يشير إلى أنهم تم استهدافهم عمداً من قبل القوات الإسرائيلية، التي أطلقت النار بهدف القتل.

تم تداول صورة صندوق الطحين الملطخ بالدماء على وسائل التواصل الاجتماعي وسط غضب واسع النطاق بسبب 'مذبحة الطحين' التي اقترفتها إسرائيل.

وأظهرت صور من مكان الحادث أكياس الطحين غارقة في الدماء، مما دفع الكثيرين إلى الإشارة إلى عمليات القتل باسم 'مذبحة الطحين'. وقد تدفق مئات الضحايا على المستشفيات المحلية، التي كانت بالفعل بدون إمدادات طبية وكهرباء ولم تكن قادرة إلا على تقديم الإسعافات الأولية.

لقد كانت هذه مذبحة متعمدة ومقصودة من قبل نظام نتنياهو الفاشي، كجزء من حملة منهجية لقتل أكبر عدد ممكن من سكان غزة وطرد الباقين من أراضيهم.

إن مجزرة يوم الخميس هي مجرد مقدمة لما تخبئه إسرائيل في الوقت الذي تستعد فيه لهجوم واسع النطاق على رفح، حيث لجا أكثر من مليون شخص بحثاًعن مأوى بعد نزوحهم من شمال غزة.

وحين ضغطت القوات الإسرائيلية على الزناد، استخدمت الرصاص وقذائف الدبابات التي دفعت ثمنها وزودتها بها الولايات المتحدة. وقال المرشح الرئاسي لحزب المساواة الاشتراكية جوزيف كيشور ردا على المذبحة: 'ليس نتنياهو ووزرائه الفاشيين وحدهم المسؤولين، ولكن إدارة بايدن، التي دعمت إسرائيل بالكامل كجزء من الأجندة العسكرية والإمبريالية للحكم الأمريكي'.

لا يقتصر الذنب على البيت الأبيض. إن المؤسسة الإعلامية الأمريكية بأكملها متواطئة في التغطية على هذه الفظائع. وسارعت كل وسائل الإعلام الرئيسية في الولايات المتحدة إلى ترويج ونشر القصة الإسرائيلية السخيفة: أن سائقي المساعدات الفلسطينيين تسببوا في المذبحة عندما دهسوا الحشود، على الرغم من اللقطات المنتشرة على نطاق واسع لجنود إسرائيليين وهم يطلقون النار على المدنيين العزل.

خلطت كل تقارير وسائل الإعلام الأميركية بين الحقيقة الواضحة، وهي أن القوات الإسرائيلية ذبحت حشداً من الجائعين، مع كذبة واضحة وواضحة بنفس القدر، وهي أن القوات الإسرائيلية لم تكن لها علاقة بعدد القتلى، زاعمة أن هذه الأرقام تمثل 'روايات متضاربة'.

وجاء في عنوان رئيسي بصحيفة واشنطن بوست: 'تسليم المساعدات الفوضوي يتحول إلى مجزرة'. وعنونت صحيفة 'يو إس إيه توداي' في عنوانها الرئيسي ما يلي: '112 قتيلاً في مذبحة المساعدات الغذائية في غزة؛ إسرائيل تلوم سائقي الشاحنات على الدهس”.

وفي رده على جرائم القتل، عرض بايدن التفاهات المعتادة بشأن 'الحادث المأساوي والمثير للقلق'، ودعا إلى 'توسيع تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة'.

تهدف هذه التفاهات إلى التغطية على السياسة الأمريكية الفعلية المتمثلة في الدعم غير المشروط لنظام نتنياهو بغض النظر عما يفعله. وكما أوضح المسؤولون الأمريكيون مراراً وتكراراً، لا توجد 'خطوط حمراء' في ما يتعلق بعدد الأشخاص الذين يُسمح لإسرائيل بقتلهم. يمكن للنظام الإسرائيلي أن يجوع ويذبح ويهجر جميع سكان غزة، في ما يتعلق ببايدن وبلينكن وزملائهم الذين ساعدوا في الإبادة الجماعية.

إن عملية القتل الجماعي التي وقعت يوم الخميس ليست سوى الأحدث والأكثر دموية في سلسلة من المذابح التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية أثناء توزيع الطعام. وتشكل هذه العمليات المستهدفة جزءاً من سياسة متعمدة لتجويع السكان المدنيين في غزة حتى الموت.

وحذر الأورو متوسطي، في بيان له، من:

لقد أصبح إطلاق النيران الإسرائيلية على الجائعين الذين يتلقون المساعدات ممارسة معتادة. وفي الأسابيع الأخيرة، هاجمت القوات الإسرائيلية بشكل مباشر عشرات الأشخاص في مدينة غزة وقتلتهم، بما في ذلك في شارع صلاح الدين وفي محيط دوار الكويت.

إن سياسة الإبادة الجماعية التي تنتهجها إسرائيل تؤتي ثمارها المقصودة. وفي تصريح لشبكة CNN، قالت ميلاني وارد، الرئيس التنفيذي لمنظمة المساعدات الطبية لفلسطين، إنه نتيجة للحصار الإسرائيلي المنهجي للإمدادات الغذائية، “هذا هو أسرع انخفاض تم تسجيله في حالة التغذية للسكان على الإطلاق. وهذا يعني أن الأطفال يتضورون جوعا بأسرع معدل شهده العالم على الإطلاق.

والخميس، وصلت الحصيلة الرسمية لقتلى الإبادة الجماعية في غزة إلى 30 ألف شخص، بحسب وزارة الصحة في المنطقة. ومع وجود 7000 شخص آخرين في عداد المفقودين، فمن المرجح أن يكون العدد الحقيقي للقتلى أقرب إلى 37000 شخص.

ويتجاوز العدد الإجمالي للقتلى والمفقودين والجرحى 100,000 شخص، أي ما يشكل 4 بالمئة من سكان غزة، مما يمثل فعلياً أحد أسرع أحداث التهجير السكاني في التاريخ الحديث.

وكتب مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، يقول: 'إن الحياة تستنزف خارج غزة بسرعة مرعبة'.

شعر الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم بالصدمة والرعب من مذبحة يوم الخميس، التي جاءت تتويجا لما يقرب من خمسة أشهر من التفجيرات والإعدامات الجماعية والمجاعة والتهجير الجماعي من قبل إسرائيل.

لعدة أشهر، شارك العمال والشباب في المظاهرات في جميع أنحاء العالم للمطالبة بإنهاء الإبادة الجماعية. لكن في مواجهة هذه الاحتجاجات، ضاعفت الولايات المتحدة والحكومات الإمبريالية الأخرى دعمها لإسرائيل.

إن الإمبريالية الأمريكية ملتزمة بشكل لا يتزعزع بدعمها للإبادة الجماعية في غزة لأنها عنصر حاسم في الحرب الأوسع التي تشنها القوى الإمبريالية في الشرق الأوسط. وفي سعيها للسيطرة على إيران وإخضاعها كجزء من جهودها للسيطرة على المنطقة الغنية بالنفط، نفذت الولايات المتحدة موجات من الهجمات في اليمن والعراق وسوريا، في حين نفذت إسرائيل ضربات داخل لبنان وسوريا.

إن الهجوم الإمبريالي على الشرق الأوسط هو أحد مكونات الانفجار العالمي للحرب الإمبريالية، التي تتخذ أشكالا أكثر دموية من أي وقت مضى. هذا الأسبوع، أثار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون احتمال نشر قوات حلف شمال الأطلسي لمحاربة روسيا في أوكرانيا، وهو في الواقع اقترح تبادل الضربات النووية وهو صراع يمكن أن يؤدي إلى تبادل نووي قد يصل عدد القتلى فيه إلى الملايين أو إلى مئات الملايين و حتى المليارات.

إن المعركة ضد الإبادة الجماعية في غزة يجب أن تُشن كنضال ضد الحكومات الإمبريالية التي تمكنها وتجر العالم إلى جحيم الحرب العالمية. وهذا يتطلب اندماج الحركة المتنامية ضد الإبادة الجماعية في غزة مع حركة الطبقة العاملة في النضال من أجل الاشتراكية.

Loading