عقدت لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، الثلاثاء، جلستها الأولى والوحيدة بشأن تثبيت مرشح الرئيس المنتخب دونالد ترامب لمنصب وزير الدفاع، معلق قناة فوكس نيوز والمدافع عن مجرمي الحرب بيت هيجسيث. وبعد جلسة الاستماع، أشارت تقارير إعلامية للشركات إلى أنه من المرجح أن يتم تأكيد هيجسيث، بالنظر إلى أن الجمهوريين يسيطرون على مجلس الشيوخ بأغلبية 53-47 ولم يعلن أي جمهوري معارضته.
يدعو هيجسيث علناً إلى ارتكاب جرائم حرب ومن المحتمل أنه شارك فيها بشكل مباشر كجندي مشاة في وحدة سيئة السمعة بقتل السجناء وكحارس في معسكر اعتقال في خليج غوانتانامو. وفي جلسة تأكيد ترشيحه، ذكر هيجسيث أن تجربته في خليج غوانتانامو جعلته خبيراً في أحد أشكال التعذيب المعروف باسم الإيهام بالغرق، الذي دافع عنه علناً.
خلال جلسة تأكيد تعيينه، انتقد هيجسيث اتفاقيات جنيف، قائلاً: 'علينا جميعاً أن نعترف بأن الطريقة التي خضنا بها حروبنا عندما كتبت اتفاقيات جنيف كانت مختلفة كثيراً'.
إن ترشيح هيجسيث على رأس وزارة الدفاع، ناهيك عن تأكيد ترشيحه المحتمل، يشير إلى حقيقة مفادها أن الديمقراطية الأمريكية وصلت إلى أدنى مستوياتها المأساوية.
إن الجرائم التي ارتكبت خلال عقود من الحرب الدائمة التي شنتها الولايات المتحدة، و أضفت الشرعية على التعذيب والقتل الجماعي للمدنيين، و أعقبتها اليوم رعاية الولايات المتحدة للإبادة الجماعية في غزة، عادت إلى الوطن. وستكون الأنشطة الإجرامية التي تمارسها القوات المسلحة الأمريكية في مختلف أنحاء العالم هي الأساس للقمع السياسي الداخلي.
من بين جميع مرشحي ترامب، ربما تكون سياسات هيجسيث هي الأكثر فاشية بشكل علني. لقد دافع علانية عن جرائم الحرب ودعا إلى استخدام الجيش ضد المعارضين السياسيين المحليين. ويعد ترشيح هيجسيث دليلاً على ازدراء ترامب الكامل لأي رقابة دستورية على استخدامه للقوة العسكرية، سواء في الداخل أو في الخارج.
إن اختيار ترامب لهيجسيث، على أساس الولاء الشخصي للرئيس المقبل وبناء على سجل من الضغط العام لدعم الجنود الأمريكيين المذنبين بارتكاب جرائم حرب، هو تحذير مشؤوم من انفجار وشيك للعنف العسكري الأمريكي ضد البلدان التي يستهدفها ترامب وضد المعارضة الشعبية في الوطن.
إن دور الحزب الديمقراطي هو تبييض وتسهيل انجراف الطبقة الحاكمة نحو الديكتاتورية. وفي جلسة الاستماع التي استمرت أكثر من أربع ساعات، لم ينطق أي ديمقراطي في اللجنة مرة واحدة بكلمة 'فاشي'. كما لم يحذر الديمقراطيون السكان من أن الشخص الذي يسعى للترشيح لرئاسة منظمة تعج بالأسلحة النووية والقاذفات الشبح والغواصات الصاروخية والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، قد أشار مراراً وتكراراً إلى دعمه لاستخدام الجيش ضد 'أعداء محليين'.
وبالإضافة إلى دعمه لمجرمي الحرب ورفضه لاتفاقيات جنيف ودعمه لانقلاب ترامب الفاشل، يحمل هيجسيث سلسلة من الوشوم الفاشية على جسده، بما في ذلك العبارة اللاتينية 'Deus Vult' (ما شاء الله). هذا الشعار، الذي تعود أصوله إلى الحروب الصليبية في العصور الوسطى، اعتنقه اليوم المتعصبون للبيض، والفاشيون المسيحيون، وكارهو الإسلام.
والجدير بالذكر أنه خلال جلسة الاستماع يوم الثلاثاء، لم يستجوب أي ديمقراطي هيجسيث بشأن وشمه. لكن بعد أكثر من ساعتين، أثار السيناتور الجمهوري عن ولاية داكوتا الشمالية، كيفن كريمر، هذه القضية ولكن فقط لإعطاء هيجسيث فرصة لتعزيز 'روحه المحاربة' الفاشية.
الأطروحة المركزية لكتاب هيجسيث المنشور مؤخراً، 'الحرب على المحاربين: خلف خيانة الرجال الذين يبقوننا أحراراً'، هي نسخة مختلفة من نظرية 'الطعنة في الظهر' التي وضعها أدولف هتلر، وألقت باللوم على هزيمة ألمانيا العسكرية في الحرب العالمية الأولى على خلفية جبهة داخلية خائنة مصابة بـ”اليهودية البلشفية”. ووفقاً لكتاب هيجسيث، الذي تكررت نسخة منه خلال جلسة الاستماع، بينما كان هو وغيره من 'الوطنيين' يخوضون الحروب الإمبريالية الأمريكية في العراق وأفغانستان وليبيا، 'انقض أعداء أمريكا الداخليون في الداخل ...'.
'اليسار لم يخض الحروب. بقي انصاره في الوطن ودمروا وطننا. كتب: 'مدمرو أمريكا، كلهم'. شمل 'الأعداء المحليون' و'اليسار الراديكالي' وحركة 'أنتيفا' ومنظمة 'حياة السود مهمة' و'أنصار حماس الآن وغيرهم من قوات العاصفة التقدمية' (افتراء على أولئك الذين عارضواالإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة). وكتب هيجسيث أن “التوقع هو أننا سندافع عن (أمريكا) ضد جميع الأعداء،أجانب والمحليين على حد سواء .وليس معارضين سياسيين، بل أعداء حقيقيين. (نعم، الماركسيون هم أعداؤنا).
خلال جلسة الاستماع، هاجم هيجسيث عدة مرات ما أسماه سياسات 'تحريض اليقظة' التي تضر 'التجنيد والاحتفاظ' وتعهد بأنه كوزير دفاع ترامب سيضع 'الفتك' في المقام الأول. شكر السيناتور الجمهوري إريك شميت (ميسوري) هيجسيث على تقديم 'الوضوح' و'الرؤية' لـ 'وزارة الدفاع، في استعادة الروح، روح المحارب، التي تتناقض بشكل صارخ مع روح السنوات الأربع الماضية، التي اتصفت بالضعف و الدعوة إلى اليقظة.'
وادعى شميت أن الجيش أصيب بمتلازمة 'DEI' (التنوع والمساواة والشمول)، والتي قال إنها 'متجذرة في الماركسية الثقافية'. رداً على ذلك، ادعى هيجسيث، بعد أقل من أسبوعين من قيام اثنين من قدامى المحاربين في الجيش الأمريكي بشن هجمات عنيفة في يوم رأس السنة الجديدة و خلفت العشرات من الجرحى وأكثر من 14 قتيلاً، أن 'التطرف' في الجيش الأمريكي كان 'بعبعاً مصطنعاً في البداية. '
يشير مصطلح 'روح المحارب'، الذي طور داخل المؤسسة العسكرية الأمريكية على مدى العقدين الماضيين، في جوهره إلى همجية وإجرام غير محدود وغير مقيد لتعزيز مصالح الأوليغارشية الأمريكية. إن تمجيد الحرب وعسكرة المجتمع له جذور مباشرة في الأيديولوجية النازية.
لم يتناول الديمقراطيون قط ترويج هيجسيث لـ “روح المحارب” أو يكشفوا عن محتواه الفاشي. ولم يكن بوسعهم أن يفعلوا ذلك بعد أن دعموا الحروب في أفغانستان والشرق الأوسط، وخاصة الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة. ومن باب التحويل عن جوهر السياسة العسكرية الإمبريالية وأساليبها الدموية، ركزوا جميع أسئلتهم تقريباً على تصريحات هيجسيث السابقة التي انتقدت النساء في الجيش، ومزاعم الخيانة الجنسية، وقلة خبرته الواضحة في إدارة المنظمات الكبيرة.
ومن خلال مناصرة دور المرأة، قبلوا جميعا كأمر طبيعي أنه في السنوات المقبلة سوف يتم إرسال الجنود الأميركيين إلى المعركة بأعداد كبيرة، وأنه لا بد من بناء المؤسسة العسكرية الأميركية حتى تتمكن من إنجاز هذه المهمة.
وجاء الانحراف الوحيد عن التركيز على القضايا المتعلقة بالجنس والتجاوزات الشخصية و'الكفاءة' الإدارية عندما تساءل الديمقراطي جاكي روزين من ولاية نيفادا عما إذا كانت 'السياسة الخارجية لأمريكا أولاً' هي 'أمريكا وحدها؟'. … هل يشمل ذلك التخلي عن حلفائنا وشركائنا مثل الناتو وتايوان وإسرائيل وغيرها؟'
وأكد هيجسيث لروزن أن 'أصدقائنا في العالم ليس لديهم حليف أفضل … من الرئيس دونالد ترامب، الذي أعاد تنشيط حلف الناتو ووقف خلف إسرائيل بكل الطرق، بطرق لم تفعلها هذه الإدارة”. وتابع روزن: 'هل سيقف دونالد ترامب خلف أوكرانيا؟... هل ستقف وراء أوكرانيا؟'
هذا هو مفتاح سياسة الحزب الديمقراطي. وطالما حافظ ترامب على التزام الولايات المتحدة بالحرب ضد روسيا في أوكرانيا، حتى في ظل خطر اندلاع حريق نووي، فإن الديمقراطيين، بوصفهم أحد طرفي دعائم الإمبريالية الأمريكية، على استعداد للتعاون في كل المجالات الأخرى.